إنتاج الغاز الحيوي من المخلفات الحيوانية.. تجربة في المنطقة الشمالية الشرقية تنتظر التعميم

الحسكة-سانا

تحظى تقنية انتاج الغاز من المخلفات الحيوانية بقبول وانتشار واسع في العديد من دول العالم وبدأ ادخالها تجريبيا في السنوات الأخيرة في مناطق من الريف السوري كونها تلبي حاجة حقيقية تتناسب مع الظروف المحيطة وتتيح الاستفادة من كل مخرجاتها من طاقة وسماد إضافة إلى خفض التلوث البيئي وتحسين نوعية حياة المواطن الريفي.

وتوفر هذه التقنيات حسب المختصين معالجة مخلفات المزارع النباتية والحيوانية والصرف الصحي بطريقة صحية وآمنة ، بما يضمن حماية البيئة من التلوث بالمخلفات التي يشكل وجودها إزعاجا اذا كانت قريبة من المناطق السكنية والانهار ومصادر المياه.

وفي خطوة لتعميم ثقافة الاستفادة من هذه التقانات وايجاد طاقات بديلة وتدويرالمخلفات بحيث تتحول من عبء على المزارع إلى مساعد لتأمين الطاقة سواء الحرارية أو الإضاءة بدأ فرع التنمية الريفية في المنطقة الشمالية الشرقية في تجربة بناء هواضم في مزارع الفلاحين للتخلص من المخلفات الحيوانية وانتاج غاز يستفاد منه في الأعمال المنزلية.

ويوضح مدير عام مشروع التنمية الريفية في المنطقة الشمالية الشرقية الدكتور ياسر سلامة انه تم وضع 50 مخمرا في القرى المستهدفة من المشروع بهدف تأمين مادة الغاز المنزلي وتوفير فرص عمل جديدة للفلاحين في الأرياف ونشر ثقافة العمل والاعتماد على الذات في تأمين متطلبات المنزل “خاصة في ظل عدم توفر المحروقات بكافة أنواعها”.

ويشير سلامة الى أن المشروع بدا بتنفيذ تجربة لإنتاج الغاز الحيوي في قرية خربة الياس ليتم تعميمها لاحقا على القرى الهدف المحددة والتي تشمل 40 قرية موزعة بكافة مناطق الحسكة.

وعن آلية عمل الهواضم يوضح مدير المشروع أن العملية تتم من خلال وضع كمية 1 متر مكعب من الروث وتغطيته بإحكام من خلال استخدام مادة بلاستيكية لمنع عمليات تسرب الهواء لفترة تتراوح بين 3 و5 أيام ، بعدها يتم نقل الروث إلى المخمر بعد إضافة كمية من المياه تعادل كمية الروث الحيواني وإحكامه من جديد لمنع أي تسرب لمدة تتراوح من أسبوع الى ثلاثة أسابيع.

ليتم بعدها بحسب ما يضيف سلامة مراقبة الغاز الناتج من عملية التخمر اللاهوائي التي تحدث في المخمر نفسه وتنقيته من الشوائب وغاز الكبريت والرطوبة عبر فلاتر مخصصة لهذه العملية مع مراعاة شروط السلامة والامان للفلاح وتوصيله عبر أنابيب إلى كافة المعدات التي تعمل على الغاز.

ويبين سلامة أن استخدام كمية 2 متر مكعب من روث الحيوانات مع الماء وتخميرها لفترة 45 يوما كافية لإنتاج غاز منزلي يسد حاجة الأسرة في عمليات الاستخدام المنزلي والإنارة والطهي لمدة تتراوح ما بين شهرين الى ثلاثة أشهر مع إمكانية استخدام المواد التي يتم اخراجها من المخمر كسماد عضوي سائل لتسميد التربة وزراعة الفطر ومصدر حراري لتدفئة مراقد البذور .

ويؤكد سلامة أن لهذه التقنية فوائد اجتماعية وصحية على المواطن الريفي من خلال توفير وقود نظيف للاستهلاك المنزلي واختصار مشقة جمع ونقل الحطب وبقايا المزروعات لاستخدامها كوقود فضلا عن توفير وقت كافي للمرأة الريفية لرعاية الأطفال والمساهمة في أعمال إنتاجية تحسن الوضع المعاشي والاقتصادي لأسرتها في الريف، إضافة لنظافة البيئة والحد من انتشار الأمراض الناتجة عن التلوث والذباب والبعوض وزيادة المساحات الخضراء حول المسكن ما يحقق للسكان الرفاهية وهي تحفز الإنسان وتدفعه للعمل والإنتاج برغبة ومتعة.

ويتميز الغاز الحيوي المنتج من الهواضم بحسب مدير فرع التنمية الريفية في الحسكة المهندس دحام شرابي بأنه غير سام كامل الاحتراق وليس له مخاطر أمنية عند استخدامه مبينا أن “كل 1م3 بيوغاز يعطي 25ر1 كيلو واط ساعي وهي طاقة كافية لتشغيل آلة بقوة واحد حصان لمدة ساعتين.

ويشير الشرابي إلى أن الفلاح سيحصل على عدد من الميزات في حال تم التوسع بتطبيق تقنية انتاج الغاز الحيوي أهمها تحسين الوضع الصحي في الريف نتيجة القضاء على الحشرات و الجراثيم أثناء عملية تحضير الغاز الى جانب تحقيق نوع من الاستقلالية للمزارع في الحصول على الطاقة إضافة لتحسين الوضع الصحي العام للمواشي وزيادة خصوبة التربة بعد استعمال السماد الطبيعي المهضوم.

وعدا عن كون التجربة توفر مصدرا للطاقة فانها وفقا لمعاون مدير فرع التنمية في الحسكة هفال رشو تسهم في زيادة عدد الأشجار وتقليل تجريد الأرض منها وتحسين الإنتاج الزراعي وايجاد فرص عمل ودخل إضافي لأهالي الريف وتقليل نفقات المزارعين وتطوير البنية التحتية مع امكانية استغلال الغاز الناتج عن عملية الهضم بشكل تجاري.

وترى صبحية الخضر ربة منزل في قرية خربة الياس أن وضع المخمر في قريتها سيحل أزمة تأمين مادة الغاز المنزلي بعد تجاوز سعر الاسطوانة الواحدة في السوق 4500 ليرة كما تؤمن التجربة الراحة والوقت للنساء الريفيات اللواتي يقضين الوقت الطويل في جمع الحطب واستخدام طباخ الكاز ومشاكله واستخدام وسائل بدائية في عمليات الطبخ وتسخين المياه.

ويأمل المعنيون أن تحقق التجربة اهدافها المتوخاة لتعميمها على جميع القرى لتسهم الى جانب مشروعات فرع التنمية في المنطقة الشمالية الشرقية التي نفذت في الفترة الماضية في تحسين الوضع المعيشي لأبناء القرى.

حسن ذياب