دمشق-سانا
دعا المشاركون في ندوة “العروبة وأسئلة النهضة” بإعادة صياغة مفهوم العروبة ودعم سورية في حربها على الإرهاب وإيقاف تمويل وتسليح الإرهابيين ومنع تسللهم عبر الحدود.
وأكد المشاركون في ختام أعمال الندوة الفكرية في مكتبة الأسد الوطنية اليوم ضرورة إعادة صياغة مفهوم العروبة بما يتناسب والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية القائمة انطلاقا من موائمة المفاهيم مع التغيرات الحاصلة عبر الزمان والمكان.
ودعا المشاركون في الندوة “الدول العربية إلى دعم سورية في حربها على الإرهاب فعلاً لا قولاً وذلك بإيقاف التمويل والتسليح للتكفيريين ومنع تسللهم عبر الحدود” معتبرين أن نهضة الدول العربية تتطلب “بناء ثقافة علمية تقوم على العقل والنقاش والإبتكار والإبداع واحياء الذاكرة والمفاهيم الوطنية بين الأطفال والشباب”.
وطالب المشاركون بالتصدي للمشاريع الاستعمارية الصهيونية التي “تهدد دنيا العرب وفي مقدمتها مشروع الشرق الأوسط الكبير الجديد” أي مشروع صهيون الكبرى ” وبذل الجهود في مجال الفكر والمعرفة و”نشر الثقافة الوطنية في مواجهة الفكر الظلامي والفكر العدمي الذي تروج له الأوساط الامبريالية والصهيونية”.
وأكد المشاركون ضرورة بذل المزيد من العناية “لإحياء التراث التقدمي العربي” ونشر أفكار الفلاسفة الكبار ومفكري عصر النهضة والتصدي “بحزم” للوصفات الاقتصادية الليبرالية التي تسعى لتمريرها المراكز الامبريالية العالمية “عبر أدواتها مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية”.
ودعا المشاركون إلى زيادة الاهتمام بالوضع الاجتماعي والمعيشي والثقافي والتعليمي والصحي للجماهير الشعبية الواسعة عماد الصمود الوطني والقوى المحركة لحركة التحرر الوطني العربية.
وكانت الندوة الفكرية العروبة وأسئلة النهضة التى أقامتها وزارة الثقافة فى مكتبة الأسد الوطنية ناقشت في يومها الثاني موضوع العروبة والتحدى الأميركي والصهيونى للدكتورة صفية انطون سعادة من لبنان والخوارج والإسلام السياسي ..نفس الفكر بأدوات مختلفة للدكتور وائل الإمام من سورية والعروبة وأسئلة الخطاب القومي للدكتور يوسف مكى من السعودية بينما ترأس الجلسات ماهر عازر معاون وزير الثقافة.
وبينت الدكتورة سعادة فى محورها أن خصائص العروبة في سورية الكبرى تختلف عن باقي الدول العربية لأسباب عدة منها تقسيم سورية الكبرى من قبل البريطانيين والفرنسيين تنفيذا لاتفاق سايكس بيكو وهذا لم يحدث بالنسبة للدول العربية الأخرى مشيرة إلى أن سبب تقسيم سورية الأساسي هو تدمير مجتمعها المتآخي كما كان قبل الحرب العالمية الأولى ومحاولة تحويلها إلى كيانات طائفية ومذهبية إضافة إلى إضفاء الشرعية للاستيطان اليهودي الغربى لأرض فلسطين أو سورية الجنوبية كما كانت تسمى آنذاك وتحجيم المساحة الجغرافية لبلاد الشام وسلخ لواء الاسكندرون عن سورية وإعطائه لتركيا عام 1939.
ولفتت سعادة إلى أهمية موقع سورية الجغرافي لتحكمه بشرق البحر الأبيض المتوسط ولاعتباره المدخل إلى آسيا الوسطى مستشهدة بقول مستشار الأمن القومى الأميركي الأسبق للرئيس جيمي كارتر زيبيغنيو بريجنسكى “أن من يحكمها يحكم العالم لثروتها المعدنية والغازية”.
وأن زعزعة الأمن القومي السوري حسب ما أوضحته سعادة لا يتوقف فقط على الحرب الإرهابية وتسعير نارها بمدها بالتكفيريين الوهابيين بل تتعداها في حال التوقف عن الحرب والبدء بالتفاوض إلى فرض نظام يعتمد على التمثيل الأثنى والطائفي فيما يسمى حكومة انتقالية.
ورأت سعادة أن عروبة سورية هى قومية وطنية علمانية تحتكم إلى الشعب الذى هو مصدر السلطات لا إلى الاثنيات والطوائف لافتة إلى أنه على حكومات دول المنطقة وضع نصوص قانونية تمنع تشكيل أحزاب من لون طائفي واحد فما يجمع الأعضاء في الحزب لا يجب أن يكون هويتهم العنصرية بل البرنامج السياسى والاقتصادي الذي يؤمن الازدهار لبلدهم.
وقدم الدكتور وائل الإمام فى محوره قراءة في تاريخ الخوارج فكرا وسلوكا من أجل فهم حقيقة هذه الفكرة وربطها مع التنظيمات التى تدعى بأنها إسلامية.
واستعرض الإمام الدوافع الفكرية لكل من الخوارج والجماعات الإسلامية مبينا التشابه فى السلوك بينها عبر التاريخ وبعض جوانب التشابه الفكري والربط بينها للوصول إلى نتيجة أن هدف تلك الفرق والتنظيمات هو ضرب وحدة الأمة العربية وإحداث شروخ داخلها.
وقرأ الدكتور جهاد بكفلوني مدير الهيئة العامة السورية للكتاب محور الدكتور عبد الله مكى نيابة عنه مبينا أن التطور الجديد لمفهوم الهوية يعنى أن مقولة قوة الأمة في وحدتها لا تعنى بالضرورة تحقيق وحدة اندماجية بين الأقطار العربية فما تحتاجه الأمة هو تلبية حاجات الناس ومتطلباتهم واستحقاقاتهم في الحرية والكرامة لذلك جرى التنظير لنظام عربي لا مركزي يتجه نحو انموذج سياسي عملي وواقعى يستلهم من نماذج الاتحادات التي شهدها العصر الحديث فلا تناقض بين الهوية الوطنية وهوية الأمة.
ورأى مكي أن الوحدة بين سورية ومصر عام 1958 وميثاق السابع عشر من نيسان عام 1963 بين سورية ومصر والعراق أظهرت إمكانية تحقيق الوحدة بين العرب وأن قابلية الأمة على الفعل لا تقاس بحاصل الجمع بين الاقطار العربية بل بما تحدثه من تفاعل وتأثير مضاعف ينتج عنه طريقة مختلفة تماما وفقا لتعبير هيغل.
شذى حمود