واشنطن-سانا
تظاهرات حاشدة تشهدها مئات المدن الأمريكية اليوم احتجاجا ورفضا لانتشار السلاح في المدارس الامريكية وسط مطالبات اجتماعية بوضع حد لانفلات السلاح وتزايد استخدامه بين الأمريكيين وهو ما نجم عنه الكثير من حوادث إطلاق نار التي وقعت في العديد من المدن قتل وأصيب خلالها العشرات من الأشخاص.
أكثر من 500 ألف شخص سيتظاهرون اليوم في شوارع العاصمة واشنطن و800 مدينة أمريكية أخرى في مبادرة ينظمها التلاميذ الذين نجوا من حادث إطلاق النار الذي وقع في مدرسة ثانوية في ولاية فلوريدا منتصف شباط الماضي وأسفر عن مقتل 17 شخصا وإصابة العشرات حيث تمكن هؤلاء التلاميذ من حشد أطفال المدارس الأخرى في جميع أنحاء البلاد وجذب الكثير من الاهتمام للحملة المناهضة لانتشار السلاح.
مطالب هؤلاء للمشرعين الأمريكيين والتي نشروها على الإنترنت تتضمن منع بيع الأسلحة النارية الهجومية وفرض حظر على بيع مخازن الذخيرة وردم الثغرات في القوانين التي تسمح لأناس خطرين بشراء البنادق كما تضمنت أيضا منع أي مدني من استخدام الأسلحة النارية الهجومية وأن يقتصر استخدامه على الجيش الأمريكي وأجهزة تطبيق القانون.
التظاهرات المقررة لاقت أصداء واسعة في الأوساط الاجتماعية الأمريكية ودعما جادا من بعض رجال الأعمال ومشاهير الفن والسينما حيث تبرع الممثل جورج كلوني وزوجته لمنظمي الاحتجاجات بمبلغ نصف مليون دولار وحذا حذوهما المخرج السينمائي ستيفن سبيلبرغ وزوجته الممثلة كايت كابشاو ومقدمة البرامج التلفزيونية الأمريكية أوبرا وينفري ومنتج الأفلام جيفري كاتزنبرغ.
ويعتزم المتظاهرون في واشنطن مواصلة سيرهم الى جدران مبنى الكونغرس وهناك ستقام منصة يلقي منها الناشطون والمشاركون والمشاهير كلماتهم التي تطالب المشرعين بالحد من انفلات فوضى السلاح الذي أدى إلى سخط في مختلف الأوساط الاجتماعية الأمريكية.
السلطات الأمريكية التي تشجع حمل السلاح بحجة “الدفاع عن النفس” لا تولي اهتماما كافيا لمعالجة حوادث إطلاق النار التي تجري بشكل متكرر في المدارس الأمريكية وغيرها فيما يتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مواقف متناقضة حيال مسالة انتشار السلاح بين الأمريكيين ويبدو ذلك واضحا من خلال تصريحاته التي يدعي فيها عزمه حماية “حق الأمريكيين” في حمل السلاح كما هو منصوص عليه في التعديل الثاني للدستور الأمريكي لكنه في الوقت ذاته لا يخفي علاقاته الوثيقة مع اللوبي الأمريكي الرئيسي للأسلحة التابع لـ “جمعية البنادق الوطنية” فيما دعا الشهر الماضي في أعقاب حادث فلوريدا إلى تسليح المعلمين والموظفين في المدارس زاعما أن تسليحهم قد يساعد على منع وقوع مجازر.
الكثير من المدن الأمريكية شهدت خلال السنوات الماضية العديد من حوادث إطلاق النار الدامية كان أبرزها ما جرى في حزيران عام 2016 في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا حين قتل أكثر من 50 شخصا في ملهى كما أقدم أحد المتطرفين في آب الماضي بمدينة شارلوتسفيل على قتل امرأة شابة عندما دهس بسيارته حشدا كان يتظاهر ضد العنصرية فيما جاء رد الرئيس الأمريكي على هذه الأعمال ضعيفا إذ إنه حمل المسؤولية للطرفين ما أثار موجة انتقادات واسعة لمساواته بين العنصريين والمناهضين لهم.
ويؤشر تصاعد حوادث إطلاق النار فى الولايات المتحدة إلى حجم الأزمات التي يعاني منها المجتمع الأمريكي والتى تتفاقم بشكل مستمر فى ظل استمرار السياسات الاجتماعية والثقافية للإدارات الأمريكية المتعاقبة على مستوى الداخل الأمريكي إضافة إلى السياسات الخارجية الداعمة للإرهاب والحروب وافتعال الأزمات والنزاعات والتدخل في شؤون الدول على مستوى العالم.