موسكو-سانا
انطلقت في مدينة سوتشي الروسية اليوم فعاليات منتدى سوتشي الاستثماري الدولي بحضور قياسي بلغ تسعة آلاف شخص من رجال الأعمال والساسة والخبراء من مختلف دول العالم حيث احتلت مسألة العقوبات الغربية التي فرضت بحق روسيا وتداعياتها على الاقتصاد الروسي حيزا مهما في فعاليات اليوم الأول من المنتدى.
وأكد رئيس الوزراء الروسي ديميتري مدفيديف في كلمة ألقاها في الجلسة العامة للمنتدى أن القوى الغربية فرضت عقوبات ضد روسيا “لا ترتبط بأحداث حقيقية” على خلفية الأزمة الأوكرانية مبديا استعداد موسكو للتعاون مع الشركاء الغربيين بغض النظر عن العقوبات.
ونقل موقع روسيا اليوم عن مدفيديف قوله: “إن المواجهة بين روسيا والغرب عن طريق العقوبات الاقتصادية تذكر بأزمة عام 2008 عندما تكبد جميع الأطراف الخسائر المالية لأسباب سياسية”.
وأشار مدفيديف إلى أن الجانب الغربي فرض عقوبات ضد روسيا لا ترتبط بأحداث حقيقية ظنا منه بأن الحل الوحيد لجميع المشاكل هو زيادة الضغط على روسيا وقال “من الصعب التنبؤ بتداعيات العقوبات ضد روسيا على الاقتصاد العالمي على المدى الطويل”.
وأكد مدفيديف أنه من غير المناسب الحديث عن إقامة اقتصاد مغلق في روسيا وأن السلطات الروسية ستحافظ على المبادئ الأساسية للسياسة الاقتصادية الكلية للبلاد ملمحا إلى أن الاستراتيجية الروسية لتطوير التعاون مع دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ لم تكن بهدف الانتقام من أوروبا وانما جاءت كاستجابة مدروسة للظروف المتغيرة للتنمية الاقتصادية.
وتعليقا على الوضع الاقتصادي العالمي قال رئيس الحكومة الروسية “إن العالم يشهد حاليا عملية لتفكيك النظم المالية والتجارية الدولية” لافتا إلى أن هناك إمكانية كبيرة لتفادي هذا التفكيك وأن بلاده مستعدة لسماع آراء الشركاء الغربيين شريطة أن يستمعوا هم أيضا لآراء روسيا.
ويشمل برنامج المنتدى اجتماعين دوريين أولهما بعنوان “روسيا بين أوروبا وآسيا.. السياسة الإقليمية الجديدة في العالم الحديث” بينما يحمل الاجتماع الثاني عنوان “المناخ الاستثماري في مناطق.. كيف يمكن توفير سياسة تنمية الاستثمارات في ظروف محدودة”.
وخلال بدء أعمال المنتدى توقع وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أن تتراوح نسبة التضخم في روسيا حسب نتائج عام 2014 ما بين 5ر7 بالمئة و7ر7 بالمئة مشيرا إلى أن هذا الأمر مرتبط بالدرجة الأولى بغلاء السلة الاستهلاكية مؤكدا أن الحكومة الروسية تخطط لجعل التضخم في العام القادم يتراوح ما بين 5ر5 بالمئة و6 بالمئة.
وأوضح سيلوانوف أن السلطات المختصة في روسيا لن تزيد نفقات الميزانية كما انها لا تنوي اللجوء إلى طباعة أوراق مالية لذلك فإن السلطات النقدية والحكومة لن تقوم بزيادة التضخم مشيرا إلى أن مشروع الميزانية وضع استنادا إلى عجز منخفض وسياسة نقدية صارمة.
وعلى صعيد آخر شكك وزير التنمية الاقتصادية الروسي أليكسي أوليوكايف في حديث للصحفيين على هامش أعمال المنتدى باحتمال استلام شركتي روس نفط ونوفاتيك لأموال من صندوق الرفاه الوطني قبل نهاية العام الحالي مشددا على ضرورة أن تكون روسيا مستعدة لاحتمال حظر التعامل معها عبر نظام سويفت للاتصالات المالية العالمية بين البنوك رغم ضآلة احتمال سير التطورات بهذا السيناريو.
وأعرب أوليوكايف عن أمله بألا يقوم الاتحاد الأوروبي بهذه الخطوة نظرا لأن “القيام بمثل هذه الخطوة سيعد عملا جنونيا أو حتى سيصل إلى ما يوازي العمل العسكري” مؤكدا أن روسيا ستقوم بجميع الخطوات لحماية منظومتها المصرفية وقال: “أرى أن هذا الأمر لن يحدث في الواقع إلا أنه يتعين علينا أن نكون مستعدين لمواجهة هذا السيناريو مع ضآلة حدوثه”.
وفي هذا الشأن أكد رئيس بنك في تي بي بنك التجارة الخارجي الروسي أندريه كوستين أن فصل روسيا عن منظومة سويفت يعتبر بمثابة “اعتداء على روسيا” وبالتالي يتوجب أن يكون الرد عليه “في غاية القساوة”.
يشار الى ان نظام سويفت هو نظام يربط بين الهيئات المالية والبنوك في 210 بلدان في العالم وينص النظام الداخلي له على تشكيل مؤسسة تربط بين البنوك في كل بلد عضو في سويفت بحيث تسمى المؤسسة الروسية في إطار سويفت روس سويفت.
وكان البرلمان الأوروبي اقترح على الاتحاد الأوروبي في بيان صدر عن دورته العامة في ستراسبورغ أمس التخلي عما سماه “عقيدة الشراكة الاستراتيجية مع روسيا” والنظر باحتمال إلغاء التعامل معها بموجب نظام سويفت والكف عن العمل معها في إتمام مشروع السيل الجنوبي/ /ساوث ستريم/ لضخ الغاز من روسيا إلى جنوب أوروبا عبر البحر الأسود إضافة الى وقف التعاون مع موسكو في مجال الطاقة الذرية.
يشار إلى أن منتدى سوتشي هو ساحة فريدة من نوعها لإقامة حوار بناء بين السلطة ورؤوس الأموال وقد ظهرت هذه الفعالية المهمة منذ أكثر من 10 سنوات بدعم من الحكومة الروسية بهدف مناقشة آفاق تطوير الاقتصاد العالمي ومستقبل الاستثمار في روسيا بالإضافة إلى عرض مشاريع استثمارية لمناطق روسية.