دمشق-سانا
تشغل كتب الأطفال حصة كبيرة من إصدارات دور النشر السورية لما تلقاه من إقبال داخل سورية وخارجها حيث تستفيد هذه الدور من وجود كم كبير من الكتاب والفنانين السوريين المختصين بأدب الأطفال ورسومهم ومن تطور وسائل الطباعة والرسم ودخول الكمبيوتر إلى تصميمها.
إحدى هذه الدور التي تركز على كتب الأطفال هي مؤسسة الحافظ للطباعة والنشر والتوزيع حيث أصدرت مجموعة من كتب أدب الأطفال اختلفت وتباينت في المواضيع والمعاني والحجم وأخذت أشكالا تصويرية مختلفة.
وتهتم هذه الاصدارات بقضايا التربية التي تعتمد فيها على التراث لجعل الطفل مرتبطا بماضيه وصولا إلى معاصرة أصيلة تحافظ على الانتماء وحب الوطن إضافة إلى المعاني الأخلاقية والانسانية مثل سلسلة “اقرأ وتعلم” من إعداد وكتابة رنيم حافظ. وركزت سلسلة “القصص المفيدة للطفلة نور” على تعليم الطفل القيم والمبادئ السامية.
ومن إصدارات الدار مجموعة قصص ونصائح تربوية واجتماعية تعمل على بناء سلوكي يحافظ على مسار الطفل بشكل صحيح لينتقل عبر حياته إلى مستقبل يجعله أكثر حضورا وفعالية بين أقرانه.
وفي سياق الأولويات المهمة للحفاظ على اللغة العربية جاءت كتب النحو الميسر للمبتدئين ساعية لتعليم الطلاب والأطفال منذ نعومة أظفارهم الأسس البنيوية للضاد التي تسهم في تقوية شخصية الطفل وحفظه للغته بشكل سليم وذلك في أجزاء متعددة على حين جاءت مجموعة بعنوان “قصص وحكم من قديم الزمان” بشكل يناسب عقول الأطفال ومراحل تحولاتها الزمنية وفق انتقاءات تخدم الأجيال ومستقبلها.
وعن تلك المؤلفات قال هيثم حافظ مدير الدار “كتب الأطفال ليست مشروعا ذا طابعا تجاريا بل هي موجهة للأطفال في سورية والوطن العربي في مضامين تعليمية وتربوية تقدم المعلومة للطفل بشكل مفرح تصحبها الألوان والإيماءات والتوضيح الفني وتسهم في تنمية الحس الثقافي عند الأطفال منذ السنة الأولى إلى أن يصل الطفل إلى سن الفتوة والشباب”.
وأشار حافظ إلى أن المشكلة التي تعاني منها طباعة كتب الأطفال تفاوت المستوى التعليمي والوعي من منطقة لأخرى فما يستطيع الأطفال هنا قراءته يستصعبه غيرهم مبينا أنه يتم التعامل مع هذه المشكلة بتقديم المعلومة بصورة تخدم أوسع فئة بأسلوب سهل التناول.
وأوضح حافظ أن أدب الأطفال يعاني من الفكرة المغلوطة لعدد من الأدباء والفنانين الذين يأنفون حسب تعبيره من الإبداع في هذا المجال لأنه بنظرهم سهل وهو أمر خلاف للواقع فهذا الأدب هو من أهم الأجناس الأدبية والرسم له يحتاج إلى فنان مقتدر وصاحب رؤية.
ولفت حافظ إلى أهمية المشاركة والتعاون بين كل المؤسسات العامة والخاصة في إيجاد منظومة ثقافية تنهض بالوعي لدى الطفل وتسعى إلى استقطاب الأطفال باتجاه الثقافة الوطنية والاجتماعية الحقيقية والحيلولة دون تأثرهم بأفكار غريبة عن قيمنا الحضارية والأخلاقية.
وتأخذ الترجمة في أدب الأطفال بحسب حافظ حيزا منافسا لأدبنا ما يتطلب التوقف عند هذه الظاهرة لأنها تؤدي برأيه إلى دخول ما يبثه هذا الأدب المترجم من مقولات إلى عقول وتفكير الشباب والناشئة داعيا إلى التعاون بين الوسائل المعنية بالثقافة والإعلام للنهوض بالخامات الأدبية وتشجيعها على الكتابة للأطفال.
وبرغم عدم قيام عدد كبير من الكتاب بدورهم لدعم أدب الأطفال ثمة أدباء يسعون لتقديم شيء يخدم الثقافة بشكل عام وثقافة الطفل خاصة ومن هؤلاء الكتاب زكي ياسين ناصيف ورانيا صايمة وطارق البكري وإيمان الزفزافي وأحمد القادري وملكة أبيض ونبوغ أسعد.
ويتوقف حافظ عند ما تركه الشاعر الكبير سليمان العيسى في مجال أدب الأطفال مؤكدا أن دور النشر السورية لا تزال إلى الآن تعيد طباعة أغلب كتبه لأنها تشكل رصيدا أدبيا لا يضاهى في المكتبة السورية والعربية وتتميز بمواضيعها الانتمائية الوطنية التي جاءت بشكل عذب ذات موسيقا رقيقة وعاطفة إنسانية رقراقة تتلاءم مع أطفالنا وتسهم في نشوئهم بشكل وطني إيجابي مؤكدا أن كتب العيسى في طليعة أدب الأطفال.
قدرة دور النشر على تشجيع الأطفال على القراءة تقوم على كفاءتها في استثمار تقانات كل عصر وتوظيفها وتحميلها المضامين السامية ولا سيما في موضوع الإخراج الفني والرسوم وفي مجال إبداع شخوص أدبية تشكل أنموذجا لدى الأطفال وتقارب وعيهم.
محمد خالد الخضر وسامر الشغري