يشتهر الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي كاحتلال استيطاني، وهو أساساً تشكّل من عصابات ومرتزقة متعددة الجنسيات يجمعها عامل ديني يمكن التعبير عنه بمصطلح «اليهودية السياسية».
لدى التمحيص في مكونات غزو العصابات لسورية تتوضح أنّها عصابات من المرتزقة متعددي الجنسيات يجمعها «عامل ديني هو مذهب أساسي من مشتقات الوهابية كأخطر مكونات الإسلام السياسي».
لا بد من مقاربات بين اليهودية السياسية التي أنشأت «شعب الله المختار» وتجسّد تنفيذياً في احتلال استيطاني على «أرض الميعاد» فلسطين، والإسلام السياسي الذي اخترع «فئة مذهبية مختارة» تحجز الأرض لذاتها و«تحتكر» الجنة لملذاتها وأطماعها في الحوريات.
وتركيزاً على تنظيم «داعش» فإنّ مكوناته: متعددو جنسيات يسلّمون بقيام خلافة لا تسمح بأي تنوع ثقافي وديني وحضاري، ويقيمون في أرض «خلافتهم» القابلة للتوسع، أي هو احتلال استيطاني يخطط إلى مستقبل دموي مديد وطويل.
ولكن بقليل من المقارنة بين اليهودية السياسية والإسلام السياسي يمكن كشف أنّ أساليب القسوة في فرض الإسلام السياسي وشعارات وأدوات تسويقه وتطبيقه أردأ من أساليب القسوة في فرض اليهودية السياسية وشعاراتها وأدوات تسويقها، وخصوصاً لجهة طريقة التنكيل وطريقة القتل وطرائق التعامل مع الأقليات والطوائف «أنموذج أفعال داعش».
هذه الحقيقة بدقتها تقودنا إلى خلاصة مؤلمة من دون التخفي خلف الإصبع وهي أنّ الرقة تحوّلت إلى أنموذج مصغّر لاحتلال استيطاني «داعشي».
وأمام أنموذج «الرقة» ينشغل السوريون بسؤال: ما الخصوصية للرقة حتى أصبحت محافظة بـ«كاملها» تفتقد لأي مؤسسة رسمية وطنية فاعلة على الأرض؟ وما خصوصية الرقة حتى تصبح «نواة» لاحتلال «داعشي» استيطاني؟.
هؤلاء الغزاة في الرقة لا يفكرون في الرحيل، وهم يمتلكون مواصفات عدوانية ذاتية تؤهلهم لنيل تصنيف أكبر من تصنيفهم كأدوات «للصهيونية والغرب الاستعماري»، لأنّ الإسلام السياسي –خصوصاً في أنموذج داعش- أصبح ينافس خطورة مشغليه، ويمتلك مقوّمات تشغيل ذاتي تجعله في لحظة ما حليفاً للمشغّل وليس مجرد أداة له!.
مع التسليم بأولويات تطهير شتى مناطق سورية من الإرهاب، فإنّ واقع الحال بات يفرض النظر إلى وضع الرقة انطلاقاً من خصوصية افتقادها لأي مؤسسة رسمية فاعلة في نطاق المحافظة، وانطلاقاً من كونها معلنة كولاية «مكتملة» لداعش.
ومع التسليم بأنّ دحر هذا النوع من الاحتلال يتطلب مسؤوليات سورية وطنية وشعبية كبرى، فإنّه يتطلب دوام التركيز على واجب ذاتي ووطني يجب أن يتفجّر بوضوح لدى أهالي الرقة قبل غيرهم بمواجهة «داعش».
بقلم: ظافر أحمد