أعلن في واشنطن أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وضع استراتيجية طويلة الأمد لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي.
وهنا يجب التوقف مطولاً عند عبارة «طويلة الأمد»، وما تعنيه، وماهية ارتداداتها على المنطقة، ويجب كذلك العودة إلى الماضي قليلاً للإلمام بخيوط هذا الموضوع، وسرد جملة من الحقائق المثبتة، التي لا تحتاج إلى أدلة لكثرة ما حكي وكتب عنها.
والحقيقة الأولى هي أن الولايات المتحدة وتابعتها مملكة آل سعود كانت وراء إنشاء تنظيم القاعدة الإرهابي، وتمويله وتدريبه وإطلاقه ليمارس أعماله الإرهابية بدءاً من أفغانستان في حينه.
أما لماذا اختارت الولايات المتحدة مملكة آل سعود لهذه المهمة؟ فلأن هذه المملكة تعتنق الفكر الوهابي الإرهابي الذي شكّل أساساً لفكر «القاعدة»، ولأن «المملكة» تتكفّل دائماً بتمويل الحروب الأمريكية في المنطقة، وقد بدأت خلال العقدين الماضيين بتمويل الحروب الإسرائيلية أيضاً بشكل أو بآخر.
والحقيقة الثانية هي أن تنظيم «داعش» ومعه «النصرة» و«الجبهة الإسلامية» وكل فروع «القاعدة» الأخرى هي من صناعة الولايات المتحدة ومملكة آل سعود، وقد كتب عن هذا الموضوع الكثير، وسرّبت وثائق كثيرة تؤكد ذلك بشكل لا لبس فيه.
وبالتأكيد فإن الدعم الإسرائيلي المسمى إنسانياً لهذا التنظيم الإرهابي يكفي ويزيد للتدليل على أن «داعش» ومثلها «النصرة» و«الجبهة الإسلامية» صناعة أمريكية- إسرائيلية –سعودية.
الولايات المتحدة، ومنذ غزوها للعراق عام 2003، وضعت خططاً قصيرة وطويلة الأمد لتقسيم المنطقة إلى دويلات وإمارات طائفية ومذهبية وإثنية لا تقوم لها قائمة على الأرض، وتكون تابعة تلقائياً للكيان الإسرائيلي.
وفروع «القاعدة» المحدثة في المنطقة هي الأدوات الأساسية لهذه الخطط التقسيمية، وكل ما عدا ذلك كلام فارغ لا يستحق أي اهتمام.
وبناء على ذلك كيف يمكن تصديق مقولة: إن الولايات المتحدة تريد محاربة «داعش والنصرة» وتحشد لهذه الغاية؟ وكيف كذلك يمكن الوثوق بمملكة تغذي «داعش» والإرهاب بوجه عام فكرياً ومالياً بدليل ما يقوله وهابيوها من فتاوى قتل وتكفير صباح مساء؟
لذلك كانت استراتيجية أوباما طويلة الأمد لمحاربة «داعش» فمثل هذه الاستراتيجية قادرة على استيعاب كل الاحتمالات حسب الظروف والأمكنة.
بقلم: عز الدين الدرويش