ما فات مات

في حسابات الكيان الإسرائيلي الغاصب لا قيمة للضحايا الفلسطينيين الذين دمرتهم آلة حربه المتوحشة في قطاع غزة المحتل وإن تجاوز عددهم الألف، ولا يعنيه عدد الجرحى والمصابين أو الدمار الذي خلّفه طيرانه الغادر في أوصال غزة الحبيبة. ما يعنيه شيءٌ واحد فقط هو ابتلاع فلسطين، وكلما أحس أن المقاومة الفلسطينية قد امتلكت بعض مقومات القوة التي تمكّنها من الدفاع عن الشعب الفلسطيني لاسترجاع حقه المغتصب فإن هذا العدو البغيض يشن حرباً إجرامية لإبادة المقاومة بحاضنتها الشعبية الواسعة، وتاريخ هذا الكيان حافل بالجرائم بحق العرب والفلسطينيين، أما في حسابات الولايات المتحدة الأميركية راعية هذا الكيان فيأتي في أولوياتها الأمن، ولأن المقاومة وحدها يمكن أن تعكر للعدو الإسرائيلي صفو هذا الأمن فهي تؤمّن الغطاء السياسي الدولي لهذا العدو لممارسة كل أنواع الإجرام والقتل بحق الشعب الفلسطيني متذرعة على الدوام بالقول: (من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها) وهذه الصيغة لا تثير في نفوس المستعربين في الجامعة العربية أي شعور يحفّز على رفض هذا المنطق الذي يعتبر أن الكيان الإسرائيلي هو في موقع الدفاع وهو على مرأى من العالم بأسره من شن هجومه الجوي والبري على غزة لأن في حسابات هؤلاء المستعربين ينتفي مبدأ المعارضة للعدو الإسرائيلي ولراعيته أميركا، وذلك انسجاماً مع ترتيب الأولويات في تلك الحسابات التي شطب منها أن إسرائيل هي العدو الأول للأمة العربية والإسلامية.
والآن ماذا حصل في غزة؟ ما ثمن الضحايا في العرف الدولي؟ ما ثمن الجرحى والدمار الذي قطّع أوصال غزة؟ وماذا تعني هذه الهدنة التي أطلقتُ عليها في الزاوية الماضية (هدنة الموت )؟ وفي ميزان الربح والخسارة من الرابح؟ هذه الأسئلة كلها قد لا تعني هيئة الأمم المتحدة وأمينها العام لأن اهتمامه ينحصر بالجندي الإسرائيلي الذي اتهمت المقاومة بأنها هي من اختطفته وهدف السيد بان كيمون هو تحقيق العدالة الدولية التي أقيمت هيئة الأمم من أجلها، ولا يمكن أن تتحقق تلك العدالة الدولية ما دام جنديّ إسرائيلي واحدٌ مفقود!! هذه هي الحسابات في عرف أمين الأمم! ما يزيد عن الألف ضحية فلسطينية وأضعافها من الجرحى والمصابين لا تساوي جنديّاً واحداً عند حلفاء هذا العدو البغيض من العرب ومن الغرب، وفي الخاتمة يتوّج سيناريو العدوان بهدنة من إخراج دولي وعربي وفلسطيني بعنوان ما فات مات.
في حسابات العدوان والتآمر والتخاذل، في حسابات الغطرسة والقوة، في حسابات الباطل والبغي والشياطين، في حسابات الاستكبار الأميركي والإجرام الصهيوني قد يصح هذا المبدأ ما فات مات! ولكن في حسابات الشعوب المستضعفة، في حسابات الحق والأمناء، في حسابات الصبر والإيمان بالعدل الإلهي ما فات من إجرام هذا العدو بحق شعبنا الفلسطيني الغالي سيبقى في العقول والقلوب، وسيأتي اليوم الذي يثأر فيه شعبنا العربي والإسلامي من هذا العدو الغاصب عن كل ما فات.
بقلم: مفيد خنسه

انظر ايضاً

وزارة الأوقاف تكرم عدداً من المشايخ البارزين خلال الثورة السورية

إدلب-سانا كرمت وزارة الأوقاف اليوم عدداً من المشايخ البارزين خلال الثورة السورية المباركة. وأقيم حفل …