دمشق-سانا
يسجل الجيش العربي السوري في كل يوم انتصارات جديدة على الأرض ويستعيد الأمن والاستقرار لبلدات وقرى أرهقها الإرهاب ويعيد أسر أتعبها البعد والتهجير واللجوء إلى منازلها وبيوتها فتكتمل معها صورته المشرقة ويضيف صفحات بطولة وبسالة لتاريخه المشرف.
ومع حلول ذكرى تأسيسه التاسعة والستين يرى مراقبون أن ما تعرض له الجيش العربي السوري خلال الحرب التي تواجهها سورية قد يضعف أي جيش وتسبب بانهياره لكنه صمد بفضل عقيدته القتالية ورجاله الشجعان البواسل وقيادته الحكيمة والأهم من ذلك الاحتضان الشعبي له وصمود السوريين إلى جانبه ولاسيما بوجود عائلات قدمت أكثر من شهيد ولا تزال مستعدة لإرسال أولادها البقية لخدمة الوطن .
وبعيدا عن النظريات والمقارنات وحدهم أبطال الجيش وعائلاتهم يعرفون التفاصيل وراء كل قصة انتصار ونجاح وصمود في وجه آلة القتل والإرهاب.
الجريح غازي حسن الذي صارع ثلاثة أشهر من الآلام وواصل تقديم الدعم المعنوي لرفاقه وتشجيعهم على الاستمرار في حماية سجن حلب المركزي والدفاع عنه يقول “اصبت قبل تحرير السجن بثلاثة اشهر بقذيفة ادت الى جرح كبير في الفخذ الايسر وكسر في العظم الحرقفي وبسبب ظروف الحصار لم احصل على العلاج المناسب لكن رفاق السلاح كانوا الى جانبي دائما”.
ورغم ظروف الإصابة الصعبة أصر غازي على إخفاء إصابته بالكامل عن أسرته عندما كانوا يتصلون به ليطمئنوا عليه ويسال فقط عن اخبار اخيه الذي كان ضمن قوات الجيش العربي السوري الذي حرر سجن حلب.
وتقول والدته “طلبت من غازي أن يقف أمام الكاميرا لحظة تحرير السجن لأراه وأطمئن على صحته لكنه كان يرفض بحجة انه لا يحب اللقاءات الصحفية ولم نعلم بإصابته إلا حين وصوله إلى مشفى الجامعة بحلب”.
ويتذكر والده متأثرا “كان غازي يطلب منا إرسال صور للمنزل والقرية لأنه اشتاق لرؤيتهم وكان يتواصل معنا بشكل يومي ونسأله عن أخبار السجن لكنه لم يخبرنا يوما أنه أصيب ثلاث مرات خلال فترة حصار السجن”.
والدة الشهيد علي ناصر سليمان تتحدث عن ابنها الوحيد الذي اندفع من ذاته للقتال في صفوف الجيش العربي السوري متمسكا بعقيدته الوطنية ورغبته العارمة في الدفاع عن ارض سورية وحمايتها من عبث العملاء الماجورين قائلة “لم يستجب ابني لتوسلي وتعلقي الكبير به لكونه ابني الوحيد وغادر المنزل مع بداية الأحداث إلى محافظة درعا وعاد إلي شهيدا ملفوفا بعلم الوطن”.
وتضيف “وفي آخر اتصال هاتفي معه أخبرنا أنه سيعود مع رفاقه قريبا وعاد فعلا لكن شهيدا مكرما وعند استشهاده اخبرني زملاؤه عن بطولاته وبسالته كان دائما مقداما يقف في الخطوط الأولى لا يخشى الخطر عاشقا للشهادة في سبيل الوطن”.
وتستعيد أم علي ذكرياتها عن طفلها الوحيد الذي كان محط اهتمام العائلة وحظي بكثير من الدلال الذي لم يمنعه من إظهار هذه الشجاعة والشهامة والعنفوان.
ويتمنى حسن صالح الذي أصيب بالشلل أثناء إحدى المواجهات مع المجموعات الإرهابية المسلحة في مخيم اليرموك لو يتمكن من العودة إلى ساحة القتال للوقوف إلى جانب زملائه في الجيش العربي السوري في وجه الارهابيين ويقول “طلبت في إحدى المرات من أحد الرفاق الذين زاروني في منزلي بعد الإصابة أن يأخذني معه فعلى الرغم من عجزي النصفي ما زلت قادرا على استخدام يديي بشكل جيد واستخدام أي سلاح فأنا لا أخشى أي مواجهة مع المجموعات الإرهابية بل مستعد لتقديم روحي في سبيل حماية الوطن”.
وتعرب زوجة الشهيد العقيد سعد أحمد معلا عن فخرها بشهادة زوجها البطل رغم صعوبة الفراق وفقد الأحباب معتبرة أنه لم يذهب رخيصا لأنه فدى بدمه الطاهر تراب وطنه وشرفنا باستشهاده وشرف جميع أهل قريته.
وتقول “أنا مثل باقي كل الزوجات الوطنيات اللواتي عقدن العزم على متابعة المسيرة وتربية الأولاد التربية الصالحة التي كان يحلم بها الشهيد وتربى عليها”.
وترسم طفلة الشهيد آية كل يوم على دفتر ذكرياتها صورا لها ولوالدها وتكتب بيدها الصغيرة كلمات تعبر عن شوقها له وفخرها ببطولته.
وتعتبر الطفلة زينب ابنة العشر سنوات أنها وعند استشهاد أبيها عرفت معنى الشهادة الحقيقية لكنها أيضا أدركت معاني الفقدان ووداع الأشخاص الذين نحبهم لكن تعزيتها بمحبة من يحيط بها وبالوطن الذي لن يتخلى عن أطفال من دافع عنه وضحى بدمه وحياته لحمايته ورسم مستقبل مشرق لأبنائه.
والدة الشهيد محسن محسن منصور تقول بعنفوان إمرأة سورية “لدي ثلاثة أولاد آخرين في الجيش وانتظر كل يوم نبا استشهاد أي منهم لأن الشهادة تكريم من رب العالمين وجسر سيعبر عليه الوطن نحو النصر”.
في كل بيت من بيوت السوريين قصة لها وجهان أحدهما مؤلم عن فراق الأحبة والآخر بطولة وشجاعة وعنفوان هي قصة أبطالها أبطال الجيش العربي السوري وأسرهم الذين يعرفون تماما أنه رغم ألم الفراق فالنصر لا يأتي إلا بالتضحيات.
طلال ماضي- غرام محمد
