دمشق-سانا
يقوم التشكيلي الشاب أحمد جرعتلي حالياً بتنفيذ عمله الثاني بتقنية فن الطبشور ثلاثي الأبعاد الذي ينفذ على الأسطح المستوية من جدران وأرضيات في مدينته مصياف بمحافظة حماة في إطار مشروعه الفني الشخصي الرامي لتقديم هذا النوع الفني لأول مرة في الوطن العربي.
ومشروع جرعتلي يسعى لنشر ثقافة بصرية جمالية حضارية في المدن السورية للتخلص من آثار الأزمة التي طالت حتى الحجر في بلدنا لإعادة إعمار النفوس بالفن والجمال بالتزامن مع إعادة بناء ما تهدم من أبنية وأحجار.
ويقول الفنان جرعتلي لـ سانا إن مشروعي الحالي يجسد نصب السيف الدمشقي المرفوع في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق والذي يرمز لشموخ وقوة وكرامة عاصمة السوريين فهو يحمل إرثها الحضاري ويختزل تاريخها المجيد وعزة أهلها.
ويضيف الفنان الشاب إن هذا العمل يعبر عن المرحلة الراهنة التي تمر فيها سورية من تحد كبير لما تواجهه من حرب كونية حيث انتقيت رمزاً هاماً من رموز الحضارة السورية وهو السيف الدمشقي المشهور على مستوى العالم تعبيراً عن القوة والتحدي والقدرة على تحقيق النصر.
ويوضح الفنان الشاب أن العمل ينفذ في مدينة مصياف على منصة تعود ملكيتها لمجلس المدينة وعلى نفقته الشخصية حيث ستكون مساحته تقريباً 100 متر مربع من الأرض ليتمكن الناس من مشاهدة عمل يثير دهشتهم وفضولهم عبر رؤية لوحة ثلاثية الأبعاد تجسد السيف الدمشقي وقد نهض من الركام بكل شموخ.
وكان جرعتلي قد أنجز في الفترة الماضية عمله الفني الأول بهذه التقنية الجديدة على الساحة الفنية السورية وحتى العربية حيث رسم على السور الأثري للمدينة القديمة بمصياف عملاً يمثل آثار المدينة باقتطاع حيز معماري من القلعة جسد عليه العمق والبعد الثالث ونفذه على سطح الأرض مغلفا العمل بمناظر الطبيعة
الجبلية المحيطة بالمدينة برسمها على الجدار حيث وصلت مساحة العمل لـ 74 مترا مربعا مقسمة بين سطح الأرض والجدار.
ويبين صاحب الأفكار الكثيرة حول تجميل المدن السورية أن هذا النوع من الرسم الثلاثي الابعاد على الجدران والأرضيات يتطلب قدرة خاصة لدى الفنان فهو قائم على فهم خاص للمنظور الهندسي إلى جانب القدرة على محاكاة الواقع والإمكانات الكبيرة في الرسم وتخيل الفراغ والعناصر الموجودة داخله قبل تنفيذ العمل
بحيث يصل التنفيذ في النهاية لما تم التخطيط له تماما دون اخطاء وخاصة في موضوع تحديد نقطة المركز التي ستتم مشاهدة العمل منها.
ويعتبر هذا النوع من فنون الشارع الأقرب في محاكاة الذائقة الجمالية للناس العاديين فهو يستخدم في أغلب دول العالم في الإعلان التجاري والحملات التسويقية والتوعوية وتجميل المرافق والأبنية وفي مختلف جوانب الحياة التي تخدم المجتمع بهدف خلق حالة من التفاعل البصري الجمالي مع الناس حتى إنه يستخدم لرسم المطبات في الشارع لايهام السائق بوجودها لتخفيف السرعة دون تكبد المخاطر والتكلفة العالية في وضع هذه المطبات.
ولأن سورية اليوم بصدد إعادة إعمار ما تهدم بسبب الحرب التي فرضت عليها تأتي الحاجة لمثل هذه الفنون التي تقدم الفن مقابل الدمار والجمال بديلا من التشويه والخراب وهو فن شعبي غير مكلف مادياً ويتطلب فقط الإرادة للعمل والقدرة عليه مع توفر الدعم المادي المناسب ما يتطلب أن تساهم كافة الجهات المعنية بنشر الجمال والفن وإعادة الإعمار لدعم مثل هذه المبادرات الفنية الشبابية الوطنية.
محمد سمير طحان