تركيا في مرحلة «ضبابية حكم ونظام» ريثما تتشكل حكومة تنهي عمل حكومة تسيير الأعمال «وهو أمر مستبعد حالياً» أو ريثما تتم انتخابات برلمانية مبكرة «كما هو مرجح» تحدد وفق نتائجها شكل الحكومة التركية المستقبلية.
الفاعل الرئيسي في هذه المرحلة «الضبابية» هو حزب «العدالة والتنمية» الذي يغامر سياسياً ويقوم بخطوات وإجراءات ينتظر منها أن تؤثّر في قناعات الناخب التركي لمصلحة هذا الحزب في حال إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وخصوصاً بعد ظهور استطلاعات «تدغدغ» طموحات أردوغانية وتجعله يراهن على انتخابات مبكرة تحسّن من وضعه وتعيد حزب «العدالة والتنمية» إلى مركزه البرلماني والشعبي الذي كان يشغله قبل انتخابات 7-6-2015.
انطلاقاً من فهم وضع النظام التركي يصبح تفجير سروج الدّامي الذي قام به «داعش» منذ أيام أحد مستلزمات سياسة أردوغان، واستثماراً سياسياً خلال مرحلة الضبابية التركية، إذ سرعان ما تمّ توظيف التفجير الدّامي لتسويغ الاتفاق الأميركي- التركي بشأن استخدام قاعدة أنجرليك المشهورة جنوب تركيا لمصلحة ما يسمى «التحالف الدولي» لمكافحة «داعش»، ولتسويغ إجراءات تركية عسكرية صريحة على الحدود السورية، ولاستعراض أداء «حكومة حزب العدالة والتنمية» في وجه خطر الإرهاب كدعاية سياسية لتضليل الناخب التركي تجاه «أمن تركيا» وقطف نتائج هذا التضليل في الانتخابات المبكرة المتوقعة!
ما يستحق السؤال عنه في التحليل السياسي هو المعلومات غير العلنية بشأن الاتفاق الأميركي- التركي الأخير ليس بشأن أنجرليك بل بشأن الحدود السورية والملف السوري، ومن قرأ وتابع المعلومات الضحلة الرسمية العلنية تركياً وأميركياً على هذا الاتفاق عليه أن يسلّم بأنّ وراء هذا الاتفاق فصلاً أكثر خطورة من اتفاق سابق علني بشأن تدريب ما تسميها منظومة المؤامرة على سورية «معارضة معتدلة» في معسكرات تركية.
حزب «العدالة والتنمية» وهو يقود مرحلة تركية ضبابية يمارس التصعيد الأعلى بشأن الملف السوري، وبمواجهة ذلك لا بد من دور إعلامي يقوم به الإعلام المقاوم والمحسوب على منظومة الإعلام المكافح للإرهاب، من خلال حملة ممنهجة لكشف التضليل الرسمي للمواطن التركي وببرامج مكثفة تفضح بوضوح دور حزب «العدالة والتنمية» في تصنيع ودعم الإرهاب المتعدد الجنسيات في سورية.
من يظن أنّ الناخب التركي لا يمكن خداعه بعد الانتخابات الأخيرة هو واهم، لأنّ استثمار الإرهاب يتوضح كأهم وسائل الاستعمار والتضليل السياسي في هذه الآونة، بل وسيلة رئيسية لرسم خرائط المنطقة جغرافياً وفكرياً ولا يصعب عليه «رسم» خريطة انتخابية تركية!
بقلم: ظافر أحمد