دمشق -سانا
قدم الدكتور الباحث محمد الزين في محاضرته “صور من الحياة الفكرية والسياسية والدينية في مدينة انطاكية خلال القرن الرابع الميلادي” عرضا تاريخيا عن أهم الحقب في تاريخ المنطقة الذي شهد تحولات كبيرة في مجالات السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية إضافة إلى التحولات الدينية.
وأوضح الزين في محاضرته التي ألقاها في القاعة الشامية بمتحف دمشق الوطني اليوم ضمن نشاطات منتدى كنوز التراث السوري “إن انطاكية تعد واحدة من أكثر مدن سورية التاريخية شهرة أسست في 300 قبل الميلاد حيث كانت عاصمة المملكة السلوقية التي امتد نفوذها إلى الهند وأسسها القائد سلوقس الأول وازدهرت في القرن الرابع الميلادي” مبينا أن أهميتها تكمن في كونها إحدى العواصم الثلاث للإمبراطورية الرومانية والتي كانت تضم روما والاسكندرية.
وأشار الزين إلى أن مدينة انطاكية بلغ عدد سكانها مئات الآلالف خلال القرن الرابع الميلادي وكانوا في جلهم من السوريين إضافة إلى الإغريق والرومان وكانوا يتعايشون مع بعضهم وبنوا حضارتها و أمجادها موضحا أنها كانت من المواطن الأولى لانتشار ديانة السيد المسيح وفيها نشأت تسمية مسيحيين منذ القرن الأول الميلادي وظهر فيها آباء الكنيسة كما أنها اشتهرت بالأديرة وحركة الرهبانية والكنائس.
ولفت المحاضر إلى وجود عدة أماكن أثرية مهمة في انطاكية من أديرة وكنائس مبينا أن التنقيبات كشفت عن مسرح ملعب أولمبي ولوحات فسيفساء في بيت أحد الأثرياء في المدينة والتي هي موجودة في متحف انطاكية.
وبين المحاضر أن أهم حدث شهده القرن الرابع الميلادي هو التحول الكبير واعتراف الإمبراطورية الرومانية بالديانة المسيحية ورعايتها لها وإغداق الامتيازات على رجال الدين والكنائس واعتناق الأباطرة الرومان للديانة المسيحية التي أصبحت أهم دعائم الامبراطورية الرومانية.
وسلط الضوء على أهم الشخصيات التي برزت من انطاكية في تلك المرحلة المهمة من تاريخ المدينة وتاريخ سورية وعالم البحر المتوسط منهم الخطيب ليبانيوس ولد 314 وتوفي سنة 394 وعاش 80 سنة بقي خلالها متمسكا بوثنيته وأسس مدرسة للخطابة في انطاكية من تلاميذها بعض الرجال المسيحيين منهم يوحنا فم الذهب الذي نهل من علوم معلمه رغم وثنيته وهذا دليل على التعايش الذي كان سائدا.
انطاكية التي فقدت مكانتها نتيجة النهب والتهجير والزلازل وهدم الكثير من معالمها وعند الفتح الإسلامي لها عام 638 كانت بلدة صغيرة ذات ماض عريق وبقيت عاصمة سورية حتى القرن السابع الميلادي.
وأوضح الدكتور محمود حمود مدير آثار ريف دمشق والمشرف على منتدى كنوز التراث السوري أن هذا النشاط هو السابع ضمن نشاطات المنتدى والتي بدأت منذ أربعة أشهر حيث يقدم محاضرة كل 15 يوما في القاعة الشامية بالمتحف الوطني مشيرا إلى أن الهدف من المنتدى بث الوعي بأهمية التراث والأثار السورية والحضارة والثقافة السورية التي قدمت الكثير للعالم عبر استضافة باحثين مختصين في الأثار والتراث من الأساتذة المخضرمين أو من الباحثين الشباب.
وبين حمود أنه يرافق المنتدى معرض لكتب الآثار إضافة إلى عرض صور ضوئية لعمليات التنقيب في بعض المواقع الأثرية وصور اللقى فيها حيث تم اليوم عرض لعمليات التنقيب في بعض هذه المواقع في ريف دمشق منها معلولا ويبرود وتل حميرة قرب دير عطية وتل الغزلانية وموقع الروضة في جبال الزبداني.
يذكر أن الدكتور محمد الزين استاذ التاريخ الكلاسيكي بجامعة دمشق كلية الآداب قسم التاريخ له العديد من الأبحاث منها 100 بحث في الموسوعة العربية إضافة إلى العديد من الأبحاث في الموسوعة الأثرية.