أخيراً دعا “أمراء الموت” إلى اجتماعٍ طارئ تحت سقف جامعة الزعماء العرب، وعلى الأرجح، سيلتئم شملُهم هذه المرّة لشجب “العدوان الفلسطيني على إسرائيل” بمفردات مماثلة وهذه ليست نبوءة واهمين، بل كلّ المؤشرات تؤكد أنَّنا سنصل إلى هذا المآل، والمقدّمات التي أبداها سلالات “آل” وتوابعها الآخرون ممن أسكرتهم روائحُ النفط والغاز، ستفضي إلى هكذا نتيجة، ولا نعتقد أنَّ ثمّة أسهل من الادعاء، مثلاً، بأنَّ ما يجري هناك يهدّد الأمن والسلام في المنطقة، وأنَّ دفاعات المقاومة الفلسطينية تقوم باعتداءات سافرة على الشعب الإسرائيلي الآمن…!!
وأغلب الظنّ أنَّ الورقات التي سيُدفع بها أمام مجلس الأمن نهاية الأسبوع تنحو في ذات الاتجاه، ولعلّ التزامن بين الاعلان عن اجتماعي الجامعة والمجلس، يستحقّ لفت انتباه من يتابع إلى المصدر الواحد لشارة البداية، وبالتالي أجندة جدولي الأعمال، مع الأخذ بالحسبان أن لا فيتو في الجامعة يكبح إرادة التخريب وشرعنة التدمير بقرار!.
شيء ما يدور حولنا يشبه ” الفانتازيا” السياسية والعسكرية، يؤكد أن شعار “التوازن الاستراتيجي مع العدو”، الذي طرحته سورية في ثمانينيات القرن الماضي احترازاً وضماناً لقوة ردع وصدّ قادرة على كبح نزعات التوسّع ضد كل ما هو عربي، لم يعد كافياً اليوم لجهة بوصلة الإسقاطات والتطبيقات، فثمة متغيّرات “قاهرة” من شأنها إملاء ضرورات جديدة على مستوى تحديد إحداثيات العدو، وبتنا بحاجة إلى ما هو أقرب إلى “توازن الرعب” مع مصادر خطر، لم تعد افتراضية أو مثار اتهام بالظن، بل واقعية تمارس ما يضاهي ممارسات العدو الإسرائيلي قذارةً وحقداً وضغينة.
فإن كانت خاصرتنا الجنوبية يوماً هي مصدر الوجع والأسى على أرضٍ عربية أُحرقت وشعب استُبيحت كرامته وكراماته، كما كانت الخاصرة التي يؤتى منها الخطر، فقد غدونا أمام تموضع آخر لخاصرات الخطر، أخطر ما فيها تجليات فصول الخيانة السافرة، التي برع بها حكام محسوبون على العرق العربي، أخذوا باستطالات وأذرع “الأخطبوط” الإسرائيلي ليصلوا بها إلى كردستان العراق، وقبلاً إلى لبنان والأردن، وإلى المضمار الخليجي المُستلب بالوساطة أو بالإنابة..
في غزة اليوم مجريات مشهد فاضح لملوك وأمراء يقيسون براعتهم السياسية بالتشبيك مع “إسرائيل”، والتهافت لمصافحة “الشيطان” على جماجم الضحايا الأبرياء. “جامعة عربية” استفاقت بتثاقل بعد أيام كانت ساعاتها دهوراً على من يتلقون الضربات وباتوا دريئة لأحدث المدمرات الفتاكة، بعد أن غابت ملَكات “الفصاحة” عن زعماء، إن نطق أحدهم سيعلن الأسف مما يجري، دون إشارة عمن الأسف أو على من..
ونذكر أنَّهم أسفوا سابقاً من بطولات المقاومة اللبنانية، وعلى الهزيمة المذلّة التي لحقت بـ “الجيش الذي لا يُقهر”، كما نذكر أن اضطراب نوم أطفال مستوطني “كريات شمونا” كان في الـ 2006 هاجساً أفصح عنه الكثير من ممتطيي العروش في العالم العربي، و”الحاخامات” هنا على مقربةٍ منّا في لبنان ممن أخطأتهم حمم القنابل الإسرائيلية، وكانوا ينتظرون فرصة سانحة تسمح لهم بالإطلالة لمغازلة الجحيم وشتم المقاومة، ثم العودة إلى جحورهم..
نعم نحن بحاجة إلى توليفة جديدة لبوصلة التوازن الاستراتيجي، لأنَّ الإسرائيلي بات حاذقاً في التنكر بالزي العربي، في زمن عروش الممالك المسروقة والشعوب العربية مسلوبة الثروات والحقوق، وبيده قرار تمويل الحروب لاجتثاث أي نفحة عربية ، وها هو قد فعل، والشواهد ماثلة في الميدان السوري كما العراقي، وبيده أيضاً قرار شن الحروب المباشرة والمعلنة.
وعلى طريقة المواجهة التقليدية أيضاً، فعندما تُسقَط اعتبارات العروبة بكل ما تعتمر به حنايا المصطلح من معاني الحقوق والواجبات، يغدو من الحكمة الاحتراز، ريثما تُسعف الأقدار شعوبنا العربية في تحرير نفسها من استنساخات “الهاغانا وشتيرن والموساد” في بلاد العرب.
بقلم: ناظم عيد
