طرطوس-سانا
تتربع كاتدرائية طرطوس ببنائها القديم وسط المدينة، لتجسد شاهداً لمرحلة تاريخية مهمة بسورية، وتعتبر من أهم الأبنية الباقية من كتلة الحصن الخارجي للمدينة الأسقفية، وما زالت تحافظ على طرازها المعماري من القرون الوسطى، إضافة إلى متانتها رغم الحوادث التي مرت بها، وتأثير العوامل الجوية القاسية كونها تقع بالقرب من الساحل.
الكاتدرائية الفرنجية التي تعود إلى القرن (12 م) تبعاً لمدير المتحف مضر إبراهيم، وُضعت قيد الإنشاء بين عامي (1123 م و1130 م)، وبنيت على أنقاض أقدم كنيسة مريمية في العالم.
والمراحل التي مرت بها الكاتدرائية متعددة، فحين احتل الفرنجة المدينة عام 1102 م اهتموا بها وبقيت على حالها حتى عام 1220 م، ثم تم تحويلها إلى جامع عام 1851 م، وأضيف إليها محراب في جدارها الجنوبي ومئذنة في الزاوية الشمالية الغربية من سطحها، ولاحقا أصبحت ثكنة للاحتلال التركي، أما الحاكم الفرنسي فجعلها مأوى للاجئين بعام 1920 م حتى أصبحت متحفاً محليا للمحافظة بعام 1956.
وعن الوصف المعماري للكاتدرائية، لفت إبراهيم إلى أن ارتفاعها يبلغ 17 متراً، ومؤلفة من ثلاثة أروقة؛ الأوسط منها صحن الكاتدرائية له قبوة نصف أسطوانية مدببة ممتدة شرقا برواق عرضي ينتهي بقبة نصفية تسمى (حنية الهيكل)، أما الأروقة الجانبية لها الشكل ذاته إلا أن امتداداتها لها قبوات بعقود متصالبة، وتوجد في كل ضلع منها نافذة، بينما الصحن المركزي تنيره نافذة المذبح شرقاً، وثلاث نوافذ غرباً، وتم إحداث نوافذ على جانبي القبوة النصف أسطوانية، وممر ضيق داخل الواجهة الغربية بالقرن 13.
وتابع إبراهيم: يوجد ثلاثة مداخل للكاتدرائية، الرئيسي يقع في الواجهة الغربية، ومدخلان جانبيان في الواجهتين الشمالية والجنوبية، ويتخلل جدران الواجهة الرئيسية ثلاث نوافذ تعلو المدخل، وأقواس تلك النوافذ محمولة على دعامات مؤلفة من قطعتين مرتبطتين بحلة دائرية وسطية، كما توجد نافذتان مماثلتان على الواجهة الغربية ودعامات النوافذ الخمس مزدانة بتيجان جميلة.
والعمود القائم في شمال الصحن بين الرواقين الثاني والثالث مؤلف من قاعدة مكعبة الشكل، فيها باب ينفتح مباشرة نحو الرواق الشمالي الذي شكل مع قسم صغير من الرواق المذكور الكنيسة الأولى في القرن الأول الميلادي، واستمرت آثارها حتى القرنين الثاني والثالث عشر لتصبح بمثابة مقصد للحجاج وفق إبراهيم.
وأشار إبراهيم إلى أن البرجين المستطيلين اللذين يقعان في الزاويتين الشرقيتين من الكاتدرائية يحتويان على حجرة كانت تستخدم للعبادة وللدفاع معاً، ويتم الوصول إلى الطابق العلوي للبرج الشمالي الشرقي عبر سلم حلزوني أقيم في جدار الهيكل يقود في منتصفه إلى حجرة ذات قبوة سريرية ونوافذ مستطيلة؛ واعتقد المعماري الفرنسي الشهير إنلارت أثناء دراسته المعمارية للكاتدرائية أنه تم بناء برجين على الواجهة الأمامية الغربية، وبهذا كانت تظهر الكاتدرائية بأبراجها الأربعة بمظهر قلعة، كما تم بناء مئذنة في الفترة العثمانية مكان البرج الشمالي الغربي، وإضافة محراب عند تحويلها إلى جامع.
وبين إبراهيم أن نمط زخارف أغلب تيجان الأعمدة ظاهرة الجوانب من نمط الكورنثي مع وردة في الوسط يحل محلها أحياناً رأس بشري، بينما التيجان التي تعلو القاعدة المكعبة فتحمل الطابع الرومي، ولكنها أكثر تطوراً ويشاهد عليها أيضا الأوراق المعقوفة، ويظهر أيضا بعض تأثير الفن القوطي بزخرفة التيجان، بينما قبوات الأروقة الجانبية تتميز بحلية الزهرة، وفي صدر الحنية الشمالية خمس صور منحوتة بشكل بارز، واحدة تجسد حمامة الروح القدس، والبقية يمثلون رموزاً لأصحاب الأناجيل الأربعة، أو لرموز تجريدية مسيحية.
هيية سليمان
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency