دمشق-سانا
يبحث الإعلامي علي الراعي من خلال “دروب في المشهد التشكيلي السوري” عن ملامح هوية خاصة بالفن التشكيلي السوري منطلقا من أن كل العالم تعلم من شرق المتوسط وأن كل التجارب التشكيلية المدهشة في هذا الكون لها جذورها الشرقية وأن الاحتلال الفرنسي لسورية جاء بعد زيارة الفنانين الفرنسيين لبلاد الشام.
وقال في مقدمة الكتاب الصادر عن الهيئة السورية للكتاب أنه ثمة لوحة فنية تشكيلية سورية اشتغل عليها أكثر من فنان تشكيلي سوري ورغم تنوع التقنية والأسلوب لإظهار هكذا لوحة غير أن هناك أكثر من تقاطع بين هذا النتاج تظهر مرجعيته السورية في تفاصيل اللوحة ..ورغم هذه التقاطعات كان لكل من اتجه في هذا المنحى بصمته التي تميز شغله الفني.
وأوضح الراعي في مقدمته بعنوان “لأجل ذاكرة ملونة” أن ما دفعه لإنجاز هذا الكتاب وجود معطيات كثيرة تجعلنا نقف أمام عمل فني تشكيلي يمد مجساته صوب الأرض السورية القديمة الأمر الذي توفر للحديث عن عمل تشكيلي بهوية سورية ولكن دون انقطاع مع حركة التشكيل العالمية سواء بالنحت أو اللوحة أو في مختلف مناحي الفنون التشكيلية.
وأضاف أن ما دفعه للكتابة أيضا وجود حركة تشكيلية سورية لها إرهاصاتها القديمة وجدت منذ أكثر من قرن من الزمن ومع ذلك لم يتوفر لهذا الحراك التشكيلي اللافت قراءة نقدية موازية تعادل تنويعاته من اتجاهات وتجارب ..وأمام هذا الحراك اقتصر النقد على قلة من المتابعين لم يتعدوا أكثر من عشرة متابعين في كل جيل من أجيال هذه التجربة التشكيلية وكان نصف هؤلاء النقاد من الصحفيين ونصفهم الآخر من الفنانين التشكيليين النقاد.
وقدم الراعي في كتابه الذي يحمل الرقم 11 في سلسلة “فنون” عينة من المشهد التشكيلي السوري مراعيا التنوع في اختياراته للتجارب التشكيلية بحيث تشمل أكثر من جيل ومن اتجاه ومن نوع تشكيلي وذلك من خلال حوارات عدة أجراها مع هؤلاء الفنانين قدم فيها وجهة نظره الشخصية المكملة لوجهة نظر الفنان التشكيلي نفسه إضافة إلى ما يشبه البورتريه لصاحب التجربة التشكيلية ونماذج ملونة من أهم أعماله بطباعة أنيقة.
كما تطرق الكاتب إلى ظاهرة فنية في المشهد التشكيلي السوري أطلق عليها اسم “انزياح لوني” إضافة إلى قراءة في تجارب فنية لاتزال حية ولم تصل بمشروعها التشكيلي إلى خواتمه فاختار تنويعة أقرب إلى الأنطولوجيا من واحد وعشرين فنانة وفنانا تشكيليا 00وكان للرقم سبعة بعده الميثولوجي القادم من أعماق سورية القديمة في هذا الاختيار فقدم ثلاث سبعات كباقة من سدنة الجمال في سورية.
ومن الفنانين الذين ضمهم الكتاب صوت سوري صارخ في أوروبا هو الفنان كاظم خليل الذي يحرر القهوة من قيمها اليومية ليخلق الجمال المشتهى.. والفنان نزار صابور المنتمي للوحة سورية متطهرة من الاستعراض اذ للون الأزرق رنة النحاس في روحه ..والفنان سموقان الذي كانت بدايته من كورنيش بحر اللاذقية ..والفنانة آمال مريود التي تكتب مذكراتها جماليا على قطع من الطين وتشتغل بفخار لايزال يحتفظ ببصمات آلاف النساء ..وبورتريهات تصرخ بصمت للفنان طلال معلا وغيرهم.
وأفرد الراعي بحثا للحديث عن الفنان التشكيلي في الدراما السورية وما لحق به من ظلم وتشويه اذ دأب كتاب الدراما على تقديمه في قالب الشخصية المتناقضة الهشة المنعزلة وتقديم فنه على أنه خربشات لاتقل غرابة عن صاحبها لترسخ صورته في ذهن المشاهد على أنه شخص غريب الأطوار.
واختتم الراعي كتابه الواقع في 360 صفحة ببحث عن فن الكاريكاتير السوري أشار من خلاله إلى آراء سبعة من أبرز رسامي الكاريكاتير السوريين الذين يحملون الأزهار الى جرائدهم ويبكون من شدة الشعر ومنهم فارس قره بيت وعبدالله بصمه جي وعصام حسن ونضال خليل وغيرهم إضافة إلى تقديم نماذج من أعمالهم.
سلوى صالح