القرصنة السعودية-صحيفة البعث

يحاول أعراب “الجامعة” إضفاء الشرعية على العدوان السعودي على اليمن، بذريعة حماية شرعية رئيس فقد شرعيته، عندما قدم استقالته وعاد عنها تحت ضغط من الإدارة الأمريكية ونظام آل سعود، من خلال تشكيل ما أسموها قوة عربية مشتركة للتدخل السريع، كذريعة للتدخل في اليمن، بعدما أقدم نظام آل سعود على قيادة عدوان على دولة عربية شقيقة بإيعاز من السيد الأمريكي لتغذية الصراعات البينية بين الشعوب العربية ومحاولة جعلها تسبح في برك من الدماء.

وهنا يتأكد للقاصي والداني، أن التصريحات الأمريكية والأوروبية، التي صبّت في خانة حلحلة الأزمات في منطقتنا بالطرق السياسية، ما هي إلا شعارات تتلطى خلفها لبدء مرحلة استهداف جديدة أكثر خطورة، ويثبت بالدليل القاطع أن ما تبدّل بالنسبة للغرب وأمريكا نمط التعاطي مع بند “إدارة الأزمات” في المنطقة العربية، من خلال زجها في صراعات جديدة، هدفها حرف بوصلة الصراع من عربي صهيوني إلى عربي-عربي، ولعل ما يجري من عدوان سافر على اليمن ليس إلا تطبيقاً للنهج الجديد في استهداف شعوب المنطقة العربية، وبقاء عرابي الصراعات في موقع المتفرج والمشجع على استمراريتها، لاستنزاف الثروات، وجعل شعوبنا تسبح في برك دماء بأيدي أبنائها ومن استقدموا من قتلة مأجورين.

إن فشل أمريكا في إسقاط سورية جعلها تبدل قواعد الاشتباك، من خلال توريط دول عربية مباشرة في صراعات عربية عربية، والإيحاء بأن هذه الدول تتحرك من تلقاء نفسها، وبذلك تكون أمريكا ومن يدور في فلكها قد ضربوا عصفورين بحجر واحد، الأول توتير العلاقات بين البلدان العربية وزرع الفتن بينها، والثاني نسف النسق الذهني الشعبي المتمسك بعروبته وانتمائه وبأسس الدولة والسيادة القائمة على أبعاد وطنية وقومية.

فإيصال المنطقة إلى حد نشوب حروب عربية – عربية يبدو في مقدمة الأهداف التي بدأت تتكشف في سياق السيناريوهات الغربية والأمريكية المعدة بعناية فائقة والجاري تنفيذها بأذرع تدّعي زوراً وبهتاناً للعروبة، وذلك عبر تنفيذ عدوانات عبر مسوغات واهية. والحرص على شرعيات تارة، أو على ديمقراطيات شعبية مزعومة تارة أخرى، وفقاً لمقتضيات مصالح لم تعد قابلة للمواربة.

وعلى عكس ما يعتقده آل سعود في عدوانهم وتطاولهم على السيادة اليمنية وما يعيدون أنفسهم وسادتهم به من حصاد المصالح، ستكون الأحداث الأخيرة في اليمن والتطورات الدراماتيكية المتوقعة خلال الأيام القليلة القادمة، رضاً معنوياً يعتري الشارع العربي ويوقظه على حقيقة دور مملكة الرمال وامتداداتها في مضارب الخليج المجاورة، في انتهاك كرامات الشعوب العربية وتهديد الأمن القومي العربي.

وعلى الأرجح ستثبت التطورات القادمة أن ثمة ارتداداً في الميدان على منظومة العدوان على اليمن وستكون البداية من أرض الحجاز، لأن مقولة “مقبرة الأناضول” ليست من سير “الفانتازيا” التاريخية بل هي وقائع ستعيد نفسها، وقد يجد المؤرخون أنفسهم أمام وقائع تلح عليهم في تكرار المصطلح مرة أخرى، ولكن لتوثيق وقائع جديدة.