حماة-سانا
تعتبر قرية دير ماما التابعة لمنطقة مصياف في محافظة حماة من القرى السورية القليلة التي حافظت نساؤها على مهنة صناعة الحرير الطبيعي الذي وصل صيطه إلى خارج حدود سورية وبات علامة فارقة في المشغولات اليدوية السورية التي شكلت طابع وهوية تراث السوريين الأصيل.
المناخ الملائم لتربية دودة القز والمتوفر في منطقة مصياف ساعد على توفر البيئة اللازمة لتربية الدودة من مراحل نشأتها الأولى حتى الوصول لمرحلة الخيوط كما ان الخبرة المتوفرة لدى سيدات المنطقة اللواتي يصل عدد المحترفات منهن بصناعة المشغولات الحريرية إلى خمس سيدات يعملن على نولين يدويين ساهمت في استمرار هذه الحرفة التقليدية .
وتعتبر نائلة محمود المتخصصة بصناعة مشغولات يدوية من الحرير الطبيعي واحدة من هؤلاء السيدات اللواتي حرصن على الحفاظ على تقاليد هذه الصناعة التراثية.
وعن مراحل صناعة الحرير أشارت محمود لنشرة سانا سياحة ومجتمع إلى أنها تبدأ من بذور الشرانق الصغيرة لديدان القز التي تتغذى على ورق التوت لمدة أسبوع ليكبر حجمها وتصبح بحجم النمل المنزلي ثم تتطور في النمو لتقطع مراحل أخرى تحمل تسميات مختلفة مثل الخضرة -المقشة – الحمرا وبعد أربعين يوما تصبح دودة كبيرة جاهزة للإنتاج .
وتضيف “نحضر الحطب الناعم ونضعه على الدود مباشرة ليبدأ بنسج خيوطه على حطب الشيح وبعد أسبوع يتم قطاف الخيوط التي تحل وتلف على دائرة كبيرة يصل قطرها الى المتر ثم يلف بعدها على أنابيب صغيرة ليصار إلى حياكته على الأنوال لتصنيع القماش الحريري الأولي الذي تأخذه السيدات للتطريز عليه وحياكته وقصه على الشكل الذي يردنه لتصنيع المناديل والشالات والقطع المختلفة”.
ويتم شراء القماش الأولي المصنوع من الحرير الطبيعي بالذراع وليس بالمتر وهي عادة قديمة حافظت عليها سيدات دير ماما اللواتي كرسن أيضا لونا وحيدا لمشغولاتهن الحريرية ألا وهو اللون السكري الناتج عن إدخال نسبة قليلة جدا من مادة الصفيرة التي تحضرها السيدات من سوق الطويل في مدينة حماة على اعتبار أنها المادة الوحيدة التي تثبت على الحرير الطبيعي بعد غلي الخيوط لمدة ثلاث ساعات عقب قطافها ليتخلص من قساوته.
وتذكر محمود أن الصفيرة هي مادة كاشفة لجودة الحرير الطبيعي نظرا لعدم إمكانية التصاق الصفيرة بالخيوط في حال لم تكن طبيعية مئة بالمئة .
وتقول “تأتينا طلبيات من محافظات سورية متعددة إضافة إلى توصيات من خارج البلاد رغم ارتفاع أسعار القطع الذي يصل إلى عشرين ألف ليرة سورية للقطعة الواحدة نظرا لارتفاع أسعار المواد الأولية”.
وأكدت محمود “أهمية حصول السيدات العاملات في هذه الصناعة على الدعم اللازم لاستمرار هذه المهنة التي تعد موردا جيدا لهؤلاء النسوة سواء من خلال مشاركتهن بالمعارض أو من خلال تصريف منتجاتهن ضمن منازلهن عبر توصيات خاصة” .
وشددت محمود على ضرورة تعلم الفتيات أصول هذه المهنة لأنها باتت برأيها مهددة بالاندثار لافتة إلى أن “أي سيدة تتقن عمل الكروشيه قادرة على النسج بالحرير الطبيعي والتفنن به”.
ياسمين كروم