دمشق-سانا
قدم الشعراء علي الدندح والدكتور معاذ لحام و نشأت أبو حمدان قصائد شعرية تنوعت بين الأغراض الوجدانية والوطنية والرثاء خلال الأمسية التي أقامها فرع اتحاد الكتاب العرب بريف دمشق بالتعاون مع المركز الثقافي العربي في جرمانا مساء الاثنين متطرقين بمعظم ما قرؤوه لهموم الإنسان السوري ومعاناته من الأزمة التي يعيشها وما نجم عنها بطرائق مختلفة بين كتابات نثرية وشعر التفعيلة.
وألقى الشاعر أبو حمدان عددا من القصائد التي غلب عليها العفوية والبساطة ومحاولة الارتكاز على النغمة الموسيقية والعاطفة الإنسانية دون أن يتمكن من اتخاذ موسيقا متوازنة بسبب انفلات التفعيلة من خطها البياني واقتحام النثر والسرد الكلامي العادي للنص الشعري.
وكان النص الشعري عند أبو حمدان من واقع الحياة الاجتماعي التي تأثر بها وانعكست على نفسه ودواخله فصور الجريمة التي يرتكبها المتآمرون على وطنه واستعداد الشعب السوري لمقاومة ما يدور فقال في قصيدة /عيني تقاوم/..
امدد يدك عيني تقاوم مخرزك
عد أصابعي خمسة
دربتها كي تقتلك
لملم سلاحك وانهزم
ما عاد يجدي مدفعك.
في حين جاءت نصوص الشاعر الدندح متباينة بين تفعيلات مختلفة وموسيقا متجانسة وفق عاطفته حيث حاول أن يصنع انسجاما بين الموسيقا ومواضيعه المنتقاة وبين الحروف التي ربطت بين الألفاظ والدفق العاطفي الذي كلل المناخ العام للقصائد كقوله في قصيدة رؤى..
وحيدا.. أمشي على معراج نشوتنا.. وقبلتنا التي حطت كحلم شارد هو ذاك يصرخ في تفاصيل رؤى تلاشت.. قاب قوسين وموت قد توالى.
وعلى تفعيلات البحر المتدارك الذي يتميز برشاقة حركته وتسارع تفعيلاته حاول الدندح أن يشكل نشيدا تفاؤليا مستخدما دلالاته المستعارة من حياة الإنسان العادية حيث قال في قصيدة احتفاء..
حقل ..من قمح احمر..قبل أوان البيدر..حلم يغدو سنبلة
تشقى طربا كي تصبح خبزا أسمر.
أما الشاعر الدكتور اللحام الذي قدم مجموعة نصوص نثرية تميزت بنزعة إنسانية ودلالات أوحى فيها بشقاء الإنسان جراء الوجع الذي يعيشه في الزمن الحالي فقال في قصيدة بعنوان عن الريح والشجرة.. لم تدرك الريح بأن الشجرة.. ليست ظلا على الطريق هي الطريق.. ليست هامشا.. لوقت فائض.. عن حاجة العصافير هي الوقت.. لشدة حنانه.. تظلل.
ولجأ اللحام إلى الضبابية والرمز في طرحه الذي دعا من خلاله إلى عدم قول أي كلام دون أن يتبعه فعل ايجابي فألقى قصيدة بعنوان “الخطباء” اتسمت بوجود العاطفة والارتكاز على النثر الفني دون الاقتراب من الموسيقا فقال.. كان عليه أن يرسم ظلالة تقود إلى الضوء.. وينحت من الهواء.. آلهة تؤمن بالأزرق.
وتباينت آراء النقاد بالأمسية فقال الشاعر الدكتور راتب سكر أستاذ الأدب الحديث في جامعة دمشق.. سمعنا تجارب متصلة بثلاثة اتجاهات رئيسية في شعرنا المعاصر وكل منها يقوم على تمازج مكونات مختلفة حيث تقدمت تجربة الدندح ببناء نصها الفني ولغتها على حساب تفاصيل الحياة اليومية الحميمية كما تميزت تجربة اللحام بشكلها المخالف لتجربة المشاركين باهتمامها بالحياة وابتعادها عن الموسيقا.
وقال الشاعر سليمان السلمان إن الكتابات النثرية التي جاءت في الأمسية تتماهى مع حاجات ذاتية لقصر القدرة على الوزن وعندما ضاق الوزن بصاحبه لجأ إلى النثر وهذا ما أرفضه تماما وإن من يكتب الموزون قادر على كتابة أي شكل من أشكال النثر دون صعوبة كما ورد عند اللحام معتبرا أن الشاعر نشأت أبو حمدان لديه خلل تنظيمي تفاعلي وعليه أن يعود إلى النثر ولا يحاول كتابة الشعر الموزون.
وانتقد الدكتور الناقد عاطف بطرس الخلل اللغوي الذي ألم بالقصائد بشكل عام.
ورأى الشاعر الدكتور نزار بريك الهنيدي أن القصيدة النثرية التي يجب أن تكون مميزة بصورها ودلالاتها وإيحاءاتها لا يمكن أن تكون خالية من الموسيقا وسعة الخيال فالقصيدة النثرية هي التي يجب أن تجعل من النثر شعرا مدهشا.
وقال باسل حناوي رئيس المركز الثقافي في جرمانا أن هذه الظاهرة الثقافية نتفرد بها نحن عبر منتدى ثقافي يجمع عددا من الشرائح الثقافية بالمدينة إضافة إلى ضيوف مثقفين وأدباء على مستوى البلاد لنعبر عن حضارة الشعب السوري وتحديه للأزمة عبر أنشطة دورية وأسبوعية تقدم مختلف المواضيع الثقافية والأدبية والفكرية وتعتبر هذه الأمسية في مرحلة شعرية متقدمة نظرا لتنوع الأشكال الشعرية وتميز بعضها بحالات فنية وتعبيرية برغم الخلل العروضي واللغوي الذي ألم ببعضها كما تميزت بحوارات مختلفة ومتنوعة أكثرها لم يكن مشجعا بطرحه الأسلوبي الذي اهتم بنقد اللغة في حين ان معظم المتحدثين لم يلتزم باللغة وبلفظها الصحيح.
محمد الخضر