طرطوس-سانا
من أداة تعبير إلى فن متعدد المدارس وتعبير اجتماعي وحضاري راق هكذا تعرف الأطفال المشاركون في فعالية “خطي هويتي” على تاريخ الخط العربي وأنواعه محولين أحد أركان صالة طرطوس القديمة على مدى خمسة أيام إلى ورشة فنية تفاعلوا فيها مع الحروف وبثوا الحيوية بخطوط أياديهم في عشرات الكلمات الإيجابية مثل تنمية وتراث ومجتمع وإبداع ليجتذبوا بهذا الشغف أهاليهم دافعين إياهم إلى المشاركة والتجريب.
الفعالية التي نفذتها “الأمانة السورية للتنمية” بطرطوس في إطار مشروعها التراث بالتعاون مع وحدة تطوير التراث الثقافي ولجنة التمكين المجتمعي في حي العريض استقطبت أطفالا بين عمري الست سنوات والخمس عشرة سنة فأسست لتجددها بين وقت وآخر بناء على طلب الأطفال وأهاليهم ولا سيما بعد استعراض مراحل تطور الخط العربي وفنونه الجذابة ما خلق دافعا لدى المشاركين إلى تعلم اتقان الخط كعادة لا تقل أهمية عن حرص الإنسان على النظافة والترتيب.
وبين الطفل ساري رحمو من الصف الخامس والذي تميز بين أقرانه بإتقان خط الرقعة أن مشاركته جاءت من الرغبة في التعرف على آلية الكتابة بخط النسخ بحروفه المقوسة والذي يستهويه أكثر من غيره لافتا إلى أن استعراض الأطوار التي مر بها الخط العربي زاد من شعوره بالمسؤولية في حفظ هذا الفن التراثي من الاندثار وضرورة تعليمه لكل الأجيال بوصفه أداة وثق بها الإنسان العربي يومياته وتاريخه.
وبرزت المشاركة مريم خضور من الصف الثامن كإحدى أكثر المشاركين تميزا بما خطته من عبارات حيث أوضحت أنها اطلعت من خلال الورشة على تاريخ ظهور الكتابة في المنطقة العربية ومراحل تطورها وصولا إلى مدارسها الفنية المختلفة.
بدوره أشار عماد خليل من الصف العاشر إلى أنه شارك في اليوم الأول من الورشة على سبيل التجربة ثم دعا عددا من أصدقائه لحضور التدريبات في بقية الأيام مبينا فائدة هذه التدريبات التي خلقت نوعا من الجاذبية بين الأطفال والخط وضاعفت لديهم الرغبة ليس في تحسين خطهم فقط بل في امتلاك مهارة الكتابة بأكثر من نوع.
وبدا واضحا أن التدريبات خلال النشاط لا تهدف إلى تخريج خطاطين بقدر ما ترمي إلى التثقيف بكل ما يخص هذا الفن والتعريف بتقنياته واستخداماته وتسليط الضوء على جمالية الخط العربي ودوره في الحفاظ على تراث الحضارات وهو ما أوضحه المتطوع يامن معلا من فريق الأمانة السورية للتنمية بطرطوس مشيرا إلى “أن الفعالية خرجت بمنتج مهم من الأعمال الفنية التي خطها الأطفال والتي تنبئ بمشاركة أوسع وأكثر فعالية ونوعية إذا تجدد النشاط مستقبلا”.
من جهته أكد المتطوع علاء حمود من المديرية العامة للآثار والمتاحف أهمية هذا النشاط في وقت باتت الطباعة على الحاسوب الوسيلة الأولى والأكثر استخداما في الإعلانات واللافتات مشيرا إلى ضرورة إلا تلغي التقنيات الحديثة دور الفنان وما يبثه من روح وجمال في العبارات التي يخطها باليد.
ولفت الخطاط عادل شقرة والذي أشرف على النشاط من الناحية الفنية إلى ما يمتلكه الأطفال المشاركون من رغبة هي الأساس في التعلم السليم فضلا عن وجود من يمتلك الطموح منهم ليصبح خطاطا موضحا أن ذلك ظهر خلال التدريبات وتجاوب الأطفال مع التعليمات الخاصة بكل خط والإقبال على تجربتها من الرقعي والنسخ إلى الفارسي والديواني وحتى الكوفي الذي يتطلب استخدام المسطرة وأخذ القياسات.
ودعا شقرة إلى “تكرار مثل هذه الأنشطة أكثر من مرة في العام وأن يكون للكبار نصيب فيها وخاصة أن أولياء الأمور الذين رافقوا أبناءهم أبدوا اهتماما كبيرا وجلسوا يجربون تطبيقات الخط بأنفسهم وطرحوا أسئلة أكثر من الصغار”.
رزان عمران