دمشق-سانا
أقيم قداس إلهي في كاتدرائية مار جرجس البطريركية للسريان الأرثوذكس بدمشق اليوم بمناسبة الذكرى المئوية لمذابح الإبادة العثمانية بحق السريان “سيفو”1915-2015 ترأسه قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم.
وعاون البطريرك أفرام الثاني أصحاب النيافة المطارنة جان قواق المعاون البطريركي ومتى الخوري السكرتير البطريركي والأسقف بولس السوقي النائب البطريركي بدمشق والمطران بطرس النعمة مطران حمص وحماة وتوابعهما ولفيف من الكهنة والشمامسة وخدم القداس جوقة مار أفرام السرياني البطريركية بدمشق.
وشارك في القداس عدد من رؤساء وممثلي الطوائف المسيحية بدمشق والسفير البابوي بدمشق.
وحضر القداس وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة كندة الشماط وعدد من أعضاء مجلس الشعب.
وأشار البطريرك أفرام الثاني خلال القداس إلى ما قدمه السريان السوريون من شهداء في مذابح الإبادة التي ارتكبها العثمانيون ضدهم عام 1915 والذين تجاوز عددهم خمسمئة ألف شهيد.
وقال غبطة البطريرك “يبادر المجرمون وسفاكو الدماء إلى الفتك بالعباد وتخريب البلاد مدعين أنهم يرضون الله بأعمالهم هذه وأي إله يرضى بقتل الناس وسفك الدماء وهتك الأعراض لمجرد أن هؤلاء يختلفون بعقيدتهم وطريقة عبادتهم لله الواحد”.
وأضاف البطريرك أفرام الثاني “الشهادة الحقيقية هي تلك التي تأتي نتيجة الدفاع عن المعتقد والمبدأ.. هي تلك التي يقبلها الإنسان عندما يخير بين الموت ونبذ الإيمان أو بين الاستسلام والذود عن حياض الوطن وهذا ما رأيناه و نراه من جنودنا البواسل ومن كل من وقف في صفهم للدفاع عن هذا الوطن وخاصة في هذه الأيام التي استهدفته فيه دول كثيرة أرسلت ما لديها من مجرمين وقطاع طرق وإرهابيين لمحاربة أبناء سورية فتصدى لهم السوريون الشرفاء من عسكريين ومدنيين مسترخصين حياتهم فداء وطنهم”.
وتابع البطريرك أفرام الثاني “نجتمع اليوم لنطلق سنة اليوبيل المئوي على بدء الإبادة الجماعية للسريان مذابح “سيفو” التي ارتكبت بحق الشعب السرياني السوري الأعزل حيث قامت أجناد الشر من بني عثمان ومن جاراهم من الشعوب الأخرى بإعلان حرب إبادة ضروس على الأرمن في البداية ما لبثت أن انقلبت إلى حرب إبادة ضد كل شعوب المنطقة غير المسلمة من أرمن و سريان ويونان”.
وأضاف “انطلقت تلك الحملة لترسخ أمرين أولا لتطهر تلك البلاد من المسيحيين الذين اعتنقوا المسيحية منذ بدايتها في النصف الأول من المئة الأولى للمسيحية وثانيا جاءت تلك الإبادة الجماعية لشعب طالما اعتبر غريبا عن الهوية العثمانية ولغتها التركية فالسريان لم يعرفوا غير اللغتين السريانية والعربية ولم يشعروا يوما بأي انتماء للقومية العثمانية وبالتالي كانوا يمثلون حجر عثرة أمام سياسة التتريك”.
وأكد البطريرك أفرام الثاني أنه “بعد مرور مئة عام على “سيفو” نرى أنفسنا أمام إبادة جماعية جديدة فجلاد جديد من نفس الروح يعود إلى الساحة مجددا ليسلط سيفه على رقاب كل من يقول لا للظلم والعدوان ولكل من رفض تغيير معتقده ودينه وكأني به يريد أن يكمل ما لم يستطع إنجازه من قبل وربما تكون أدواته تغيرت وأساليبه تبدلت ولكن الهدف واحد وهو إبادة شعب لا يرضى بالخنوع وسلب الإرادة”.
واستنكر البطريرك أفرام الثاني “مايتعرض له أبناء سورية وأبناء العراق اليوم على أيدي تنظيمات إرهابية تكفيرية من تهجير وتقتيل من قبل “أعداء الخير والإنسانية” معتبرا ذلك جريمة بحق النفس البشرية والحضارات الإنسانية التي قامت على هذه المناطق.
ودعا البطريرك أفرام الثاني كل من يملك القرار للإفراج الفوري عن المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم وعن جميع المختطفين مؤكدا أن المنظمات الدولية وهيئات حقوق الإنسان تراقب هذه الجرائم تحدث دون أن تحرك ساكنا.
وجدد تمسك المسيحيين بأرضهم ورفضهم مغادرة وطنهم مضيفا “إن رسالتنا اليوم واضحة ونطلقها من هنا من دمشق عاصمة التاريخ وليسمع العالم بأسره هذه أرضنا ولن نتركها مهما فعلتم بنا”.
ودعا قداسته الله تعالى أن يرحم شهداء سورية وشهداء مذابح “سيفو” وشهداء السريان في العراق ولبنان وفي صدد وحلب والجزيرة وفي كل شبر من تراب هذا الوطن الغالي.
وفي نهاية القداس عزفت فرقة مار أفرام السرياني الكشفية النشيد الوطني السوري في ساحة البطريركية الداخلية ووقف الحضور دقيقة صمت إكراما لأرواح شهداء سورية والشهداء السريان وأوقد صاحب القداسة شعلة اليوبيل إعلانا لبداية الذكرى المئوية لمجازر سيفو.
ثم افتتح قداسته معرضا للصور تخليدا وتوثيقا للمجازر كما أطلق الموقع الرسمي لذكرى المجازر على شبكة الانترنت.