الموصل تتصدى لإرهابيي داعش ومحاولاتهم الظلامية لإفقادها إرثها ومعالمها

بغداد-سانا

تواجه مدينة الموصل العراقية العريقة التي احتضنت عبر التاريخ رواد العراق في الأدب والعلوم والفنون والاقتصاد إجراءات ظلامية تكفيرية بعد استباحتها من تنظيم داعش الإرهابي في حزيران الماضي حيث يحذر الخبراء من محاولات إرهابيي التنظيم استهداف معالمها الحضارية التاريخية الشهيرة.

ويحاول أهالي الموصل منذ أكثر من ستة أشهر منع تحويل مدينتهم إلى قندهار جديدة رغم تعرضهم لأبشع الممارسات التي يرتكبها ارهابيو تنظيم داعش بحقهم ومحاولاتهم فرض القيود الرجعية عليهم حيث شرع هؤلاء الإرهابيون بتدمير المعالم الدينية والمعمارية للمدينة تزامنا مع فرض نهج التخلف الرجعي على الأهالي بدءا من محاولات فرض الزي الأفغاني على التلاميذ والموظفين إلى تكبيل النساء ومصادرة أبسط الحريات.

ولعل من أبرز المعالم التاريخية والدينية الرمزية في المدينة التي دمرت لتشهد على همجية هذا التنظيم التكفيري مساجد النبي يونس والنبي شيت والنبي جرجيس عليهم السلام إضافة إلى قيام إرهابيي داعش بهدم أضرحة دينية ومواقع أثرية تمتاز بها الموصل عبر تفخيخها وكانت بدايتها تفجير مرقد النبي يونس كما يوضح الخبير العراقي بشؤون الإرهاب محمد الحسني.

كما هدد إرهابيو التنظيم بتدمير عشرة مساجد تاريخية في مدينة الموصل متوعدا بإعدام كل من يوجد داخلها زاعمين أنها تخالف تعاليم الدين الإسلامي دون ان يوضحوا ماهية هذه التعاليم التي يدعون صلتها بالدين الإسلامي والدين منها براء.

ويؤكد الخبير العراقي الحسني أن ممارسات تنظيم داعش الإرهابي من أبشع الجرائم التي لم يشهد التاريخ القديم والمعاصر مثيلا لها مشيرا الى معاناة نحو مليون ونصف مليون شخص داخل المدينة من تدهور الأوضاع في مناحي الحياة كافة موضحا ان المدينة تشهد انعدام الخدمات اللازمة لديمومة الحياة فضلا عن القتل والاختطاف والظلم والاضطهاد والممارسات البشعة.

وكان إرهابيو التنظيم فرضوا أحكاماً صارمة على الأهالي المحاصرين في الموصل إذ قطعوا خطوط الهاتف النقال ومنعوا السكان من استخدام سياراتهم لمنع هروبهم وفرضوا ضرائب وقواعد صارمة بحق الاقليات من سكانها منها اجبارهم على اعتناق الإسلام او ترك منازلهم والسفر خارج الموصل.

وتؤكد المصادر المحلية أن تنظيم داعش الإرهابي يعمل على تدريب من تبقى من الرجال والصبية داخل المدينة واجبارهم على حمل السلاح والتعلم على استخدامه.

ويبين الخبير العراقي أن حال المهجرين والفارين من المدينة ليس أفضل من المحاصرين داخلها إذ يعاني الآلاف منهم من تدهور احوالهم حيث يوجد أغلبهم في العراء وعرضة للاجواء المناخية المتغيرة فعشرات الأطفال ماتوا وأصيب أضعاف هذا العدد من كبار السن بامراض مختلفة ليكون أملهم في الحياة هو لحظة التحرير والعودة إلى الديار.

يشار إلى أن الآلاف من العائلات اضطرت لترك منازلها والنزوح من الموصل عقب اقتحام ارهابيي تنظيم داعش المدينة في حزيران الماضي بينما قام التنظيم بمصادرة الكثير من المنازل ومحتوياتها وتحويل بعضها الآخر الى مقرات لإرهابييه.

وكانت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية ذكرت في تقرير لها ان العراقيين الذين يعيشون فى الموصل ومناطق اخرى يوجد فيها ارهابيو داعش يعانون أوضاعا اقتصادية مزرية جراء الضرائب الكبيرة التي تفرض عليهم وممارسات داعش الإجرامية بحقهم ما ولد مشاعر استياء وغضب تجاه هذا التنظيم الإرهابي مشيرة الى أن مدينة الموصل تشكل مثالا على الوضع الصعب الذى يعانيه أهلها حيث تملأ القذارة شوارعها الخلفية بينما الأحياء والبيوت منارة فقط لأن سكان المدينة أنفسهم اشتروا المولدات لمواجهة انقطاع الكهرباء المتواصل فيما تشكل الضرائب الباهظة التي يفرضها التنظيم الإرهابي حملا ثقيلا عليهم.

ويترقب أهالي الموصل كما باقي العراقيين عمليات القوات المسلحة العراقية بكثير من الأمل والتفاؤل بهدف العودة لممارسة حياتهم الطبيعية ففي سياق العمليات العسكرية باتجاه تحرير الموصل تمكنت القوات العراقية المشتركة من تحرير أربع قرى في قضاء مخمور جنوب شرق الموصل من عصابات داعش الإرهابية.

ومع الإصرار على المقاومة ومواجهة الإرهاب الظلامي سيبقى أهالي الموصل كما في الرقة وعين العرب ودير الزور ومدن سورية أخرى على استعداد للوقوف بوجه هذه القوى الطلامية ومساندة جيشهم وقواتهم المسلحة حتى تحرير أرضهم من رجس هؤلاء فشواهد التاريخ كثيرة عن إرادة الشعوب التي لا تقهر مهما غلت التضحيات أمام جبروت أعداء الشعوب سواء جسدوا بتنظيمات إرهابية تكفيرية أو بداعميها.