السويداء-سانا
بكثير من الاصرار والتحدي و بعد عمل دوءوب استمر لسنوات استطاعت السيدة قفطانية الصحناوي من محافظة السويداء ان تحول حلمها الى واقع راسخ تجلت احداثياته على الارض عبر مركز للحرف و الاشغال اليدوية وفر فرص عمل لاكثر من 40 اسرة محتاجة من خلال تشغيل عدد كبير من النساء الشابات الباحثات عن مورد مادي يسد متطلبات المعيشة المتزايدة بعد تدريبهن مجانا و تسويق منتجاتهن.
اما نواة المشروع الذي انطلق فعليا قبل ثلاث سنوات فلم تكن سوى ورشة منزلية متواضعة بدأت كما تقول الصحناوي برأسمال زهيد انما بكثير من الارادة و السعي الجاد لتجاوز حالتها الحياتية المتردية انذاك و تأمين معيشة اسرتها و تعليم ابنائها في ظل ما يعانيه زوجها من ظروف صحية صعبة مضيفة ان ما بدأت به في ذلك الحين لمواجهة الفقر صار اليوم طاقة فرج لكثير من النسوة المحتاجات.
واضافت حاولت ان اوظف كل ما أملكه من خبرة في مجال العمل اليدوي لأحقق تحولا نوعيا في حياتي و اتدارك قلقي من المستقبل و بالفعل بدأ المشروع يدر علي دخلا جيدا راح يتزايد بمرور الوقت فقررت ان انتقل بالورشة الصغيرة الى افق جديد يحقق لسواي ما حققه لي متسلحة بما تمتلكه المرأة السورية من قدرة على البذل و الابتكار و اجتراح السبل المبدعة لتغيير الواقع نحو الافضل.
وتابعت ان ما ساعدني فعلا على تحقيق هدفي هو دعم المجتمع المحلي لي وخاصة انني كنت دوما حريصة على احياء هذه الحرف والحؤول دون اندثارها باعتبارها تراثا انسانيا وجذرا حضاريا عريقا يتوجب عدم التفريط به و من هنا قام كل من اتحاد الحرفيين في المحافظة و مجلس مدينة شهبا بتقديم التسهيلات اللازمة للنهوض بالمشروع حيث تم توفير مقر المركز بسعر رمزي و منحي الترخيص القانوني اللازم لتكون البداية الحقيقية لحلم راودني طويلا فإذ به يصبح اليوم حقيقة ملموسة على الارض.
وربما يكون الاهم في هذا المشروع حسب الصحناوي استقطابه لأكثر من 40 امرأة من ربات البيوت و معيلات الايتام بالاضافة الى ذوات الاحتياجات الخاصة من الطامحات بتحسين وضعهن المعيشي واستثمار طاقاتهن للتحول الى افراد منتجين و بينت الصحناوي ان المركز يختص بصناعة أطباق القش التراثية وكل انواع الحياكة و صناعة المجسمات و الاعمال الفنية بالسيراميك الطبيعي الى جانب تصاميم الصوف الملون المشغولة على الخام و اعمال الشك و التطريز و الشغل بالسنارة.
ويحتوي المركز على عدد كبير من المقتنيات التراثية ضمن جناح خاص بالاضافة الى قاعة لتدريب الراغبات بالعمل على مختلف الاشغال الحرفية ممن يحصلون في نهاية التدريب على شهادة حرفية مصدقة من مديرية الصناعة واتحاد الحرفيين و قد وصل عدد المتدربات فيه حسب مديرة المركز إلى 212 امرأة منذ انطلاقة المشروع.
وحول الجدوى الاقتصادية لمشروعها اشارت الصحناوي إلى أن دخلها الشهري قد تضاعف بعد افتتاح المركز وخاصة انها تقدم فيه مختلف صنوف الفنون اليدوية بجودة عالية و أسعار مناسبة و تصاميم ترضي كل الاذواق الامر الذي وسع من شريحة الرواد و الزبائن الراغبين باقتناء المنتج التراثي ممن وجدوا ضالتهم في هذه المنشأة الحرفية و هو ما انعكس في الوقت نفسه على جميع النسوة العاملات معها.
وذكرت انها تسعى للمشاركة في مختلف المعارض والمهرجانات بهدف الترويج لمنتجات المركز و تسويقها و هو ما يعود بمرابح مادية على جميع العاملات كما انها بدأت بخطط نوعية لفتح منافذ تسويقية جديدة.
وتعمل الشابة رشا حمزة خريجة معهد مصرفي اليوم في المركز بعد فترة من التدريب حيث تمكنت كما تقول من التحول الى شخص منتج بعد بحث طويل عن عمل ملائم و هي تشعر انها باتت اكثر قدرة على مواجهة الحياة و ظروفها المتقلبة بعد البدء بتحقيق مردود مادي لعملها و هو ما كان بسيطا في البداية الا انه اخذ يتزايد تدريجيا بالتوازي مع بذل المزيد من الجهد و التركيز على التفاصيل الدقيقة في المنتج اليدوي.
اما هنادي الطويل فرأت في الالتحاق بالتدريب الحرفي فرصة لاكتساب مهارة جديدة تفتح امامها الافاق و بالفعل بدأت أحوالها تتحسن وصار بامكانها ان تخلق فرصة الربح المادي بيديها عبر البحث عن تصميمات جديدة و مبتكرة تلفت اليها اهتمام الزبائن و تشجع على اقتنائها.
الامر نفسه اكدت عليه الشابة منار نصر و التي امتهنت اعمال السيراميك بعد ان زودتها الصحناوي خلال فترة التدريب بكل اسرار العمل و دربتها على اصول التعامل مع هذه المادة فراحت تبدع اشكالا و مجسمات مميزة و تقوم بتسويقها على نحو فردي او من خلال المعارض و الاسواق الانتاجية التي يشارك بها المركز موءكدة ان المنتج اليدوي له جمهور واسع وراغبون من كل الاعمار.
ولأن الشابة العشرينية رولا عامر تقوم وحدها بتربية طفلها الصغير بعد وفاة زوجها فقد كانت تجد مشقة بالغة في تأمين احتياجاته اليومية في غياب عمل حقيقي و مستقر تداوم عليه الى ان التحقت بالتدريب في المركز لتجد فيه كما تقول منزلا دافئا و جوا عائليا خفف عنها صعوبات الحياة وخاصة بعد ان بدأت التدريب على اكثر من حرفة يدوية لتفاجأ بعد ذلك بأن هذه المنتجات تلفت انظار معارفها و اقربائها فيسارعون الى شرائها فكانت هذه المرحلة حسب تعبيرها بمثابة انطلاقة جديدة لحياتها بعيدا عن القلق و الترقب و الهواجس اليومية.
واشاد ناجي الحضوة رئيس اتحاد الحرفيين في السويداء بالمشروع الذي نهضت به الصحناوي موءكدا ان اهميته تنبع من كونه يعيل العديد من الاسر المحتاجة و يلم شمل عدد كبير من الشابات اللواتي بحثن طويلا عن مكان لاستثمار طاقاتهن و ايجاد مصدر رزق لهن بالاضافة الى ما يعمل عليه من حماية للتراث التقليدي و احياء لانساقه المختلفة.
و قال نسعى في اتحاد الحرفيين لتوفير كل دعم ممكن لمشروعات انتاجية مشابهة لما تقدمه من خدمة جليلة للمجتمع والافراد على حد سواء ولاسيما لشريحة الشباب الباحث عن عمل و الذي غالبا ما يجد مبتغاه في افكار خلاقة كهذه اذا ما وجدت طريقها الى التنفيذ على ارض الواقع.
عمر الطويل