دمشق-سانا
تخطى أحزانه وأوجاع الحرب وفقدان ابنه في أتونها فوجد في الفن سلواه مكرساَ ساعات يومه بتحويل الخشب إلى مادة فنية تنبض بالحياة والإبداع وصنع أعمال جميلة من مواد تالفة.
رسالة العم عدنان العلي أبو عمار يعكسها بعمله وصبره الدؤوب في ورشته المتواضعة بحي المزة 86 ومحتواها مخزون فكري ومهني بأن الحياة مليئة بالخير والمحبة رغم ما يعانيه السوريون من ظروف الحرب وتداعياتها.
وفي حديث مع سانا أثناء زيارتنا لورشته لفت إلى سعيه للاستفادة من القطع الخشبية الجامدة بإعادة صنعها لتعكس روح هذه المادة ودفأها.
هواية العلي كانت منذ صغره اصلاح كل ما يقع بين يديه لتتطور إلى صناعة تحف خشبية تعتمد الدقة في العمل والتقنية في الإنجاز حيث وجد أن هذه الحرفة تعكس نظرته للحياة بأن كل شيء جامد يجب أن يعطي شكلاً جميلاً وأن يجسد موضوعاً يلامس الوجدان.
تعرض أبو عمار إلى غصة مؤلمة في حياته بحسب تعبيره وهو خطف ابنه على يد التنظيمات الإرهابية المسلحة في حلب أثناء قيامه ورفاقه في الجيش العربي السوري بالدفاع عن الأرض عام 2012 ما جعله ينقطع عن العمل في ورشته لفترة ثم قرر بعدها الاستمرار منطلقا من هدفه محاولة اسعاد كل شخص يقتني أعماله.
وينظر العلي إلى الفن من منطلق إنساني بحت لذلك يقدمه لمن يرغب بمقابل بسيط لأنه يعتبر أن الحياة ليست بالمادة وإنما بالمحبة والانسانية ويجب أن نكرس فكرة التكافل ومواجهة ما يمر بنا جميعاً من صعوبات وأحزان.
وعلى خلاف ما يردده الكثير من المشتغلين بالفن بأن هنالك حالة ركود في اقتناء الأعمال الفنية فإن العلي يؤكد أن منتجاته زاد الإقبال عليها في الفترة الأخيرة وتحديداً خلال العيد وصدور نتائج الشهادتين الإعدادية والثانوية معيداً ذلك إلى أن العادات الاجتماعية تفضل تبادل الهدايا فضلاً عن المقابل المادي البسيط الذي يحدده لأعماله.
وعند الدخول في تفاصيل عمله لفت إلى أن ورشته صغيرة وأدواته بدائية وهي عبارة عن منشار حديد ومشرط وسكين ولكنه يستعين برؤيته للأشياء الجامدة ليعيد توظيف القطع المهملة وتصبح قطعة فنية محققاً بذلك السعادة له.
ويبدأ العلي عمله على القطعة الفنية من إحساسه بها إضافة إلى توظيف مخيلته برسم التصميم على الورق ثم ينفذها مباشرة بمدة لا تزيد غالباً على يومين لافتاً إلى أن بعض الناس يعملون على إعطائه أفكاراً لقطع يودون اقتناءها.
ويطمح العلي إلى أن يستقطب الشباب ليعملوا على إنتاج قطع حرفية مبدعة وأن يدربهم حتى تصقل موهبتهم موجهاً رسالة إلى الحرفيين بأن ينظروا إلى ظروف الناس وأن يتيحوا فنهم للجميع بأقل التكاليف لنشر رسالة الفن على أوسع نطاق مؤكداً أن الخير قادم بهمة كل شريف في سورية وعلى رأسهم أبطال الجيش العربي السوري الذين بفضلهم ستعود قوية مصانة.
رشا محفوض