في خضم الفوضى العربية التي أرادتها الإدارة الأمريكية خلاّقة بربيع عربي صنع خصيصاً من أجل الفئات التي ادعت معارضتها للأنظمة العربية السائدة، وحبها للديمقراطية التي أرادها الغرب على الطريقة الإرهابية في القتل والذبح وترويع السكان المدنيين في البلدان العربية التي هبت فيها نسائم ذلك الربيع المسموم، يكون الجو مناسباً للإسرائيلي في أن يقضي ربيعه العسلي على التوازي مع الربيع العربي المزعوم، ولأن العسل يعني لهذا العدو بالدرجة الأولى تصفية القضية الفلسطينية، فالمواسم لديه على هذا الصعيد وفيرة بما لا يقاس فيما مضى من تاريخ القضية الفلسطينية، ففي ظل انشغال العالم العربي برياح الإرهاب العاتية التي هبت عليه من مصانع الغرب، بدءاً من تونس إلى ليبيا فمصر فاليمن، ومن ثم الحرب الإرهابية الكونية التي شُنت على سورية وامتدادها إلى العراق، يصبح سهلاً عليه أن يزحف بجرّافاته ويهدم المنازل الفلسطينية ليستمر في التوسع والاستيطان على حساب الشعب العربي الفلسطيني، دون اهتمام عدسات بعض الفضائيات العربية التي روجت للربيع العربي ودعمت هبوبه المشبوه بذريعة الاهتمام بما هو أهم لتحقيق السبق الإعلامي في تقديم الدم العربي الذي تسفكه أيادي الإرهابيين الذين تمفصلت أهدافهم مع المتآمرين من الأعراب (الذين هم أشد كفراً)، وها هو العدو الإسرائيلي يقوم بعملياته العسكرية العدوانية ويقصف بطائراته شعبنا العربي الفلسطيني في الضفة بذريعة اختفاء ثلاثة من مواطنيه الأخيار، من أجل ثلاثة من المستوطنين الإسرائيليين مستعد هذا العدو أن يبيد الشعب العربي الفلسطيني كله، لا بل مستعد أن يبيد العرب كل العرب من أجلهم، لأنه تعلم أن دم المواطن العربي رخيص لدى أتباع وعملاء هذا العدو، ومع كل هذا العدوان على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، فلا نرى مجلس الأمن أو الأمم المتحدة تقيم كبير وزن لما يجري من عدوان في الأرض الفلسطينية المحتلة، أما حق عودة الفلسطيني من الشتات إلى أرضه المغتصبة فقد أمسى منسيّاً، بعد أن أحرقته ألسنة نيران الإرهاب التي أضرمت على محور المقاومة التي ما زالت تعتبر القضية الفلسطينية هي القضية الأساسية والمركزية في نضالها من أجل التحرير.
إسرائيل هي المستفيد الأكبر من الإرهاب الذي وفد إلى المنطقة بالتنسيق مع هذا الكيان الإسرائيلي المعادي، وبالتواطؤ مع مشيخات الخليج، ولعل السنوات الثلاث التي مرت تعد بمثابة سنوات العسل لدى هذا العدو وقيادات كيانه لأنه نجح إلى حد كبير في تغيير الجبهة بينه وبين العرب وتحويلها إلى جبهات داخلية بتغذية الفتن الطائفية والمذهبية وإحياء الفكر الظلامي ودعم القوى الرجعية، وكل ذلك يحقق لهذا العدو هدفه المنشود لتمزيق الصف العربي وتصوير هذا العدو بأنه ليس عدوّاً للشعب العربي لا بل هو صديق له، لكن العسل الذي اغتنمه هذا العدو هو عسل مرّ لأنه آني وعابر ومؤقت وسوف تكون الصحوة الفلسطينية أشبه بقيامة الأجيال العربية لتنتقم من هذا العدو وعملائه ليتجرعوا من الكأس المسمومة التي سقوا منها شعبنا العربي وتحرق أكبادهم بنار الإرهاب الذي صنعوه، وما تظنه إسرائيل بأنه أيام عسل ستكتشف قريباً أنها الأيام التي تسبق انتفاضة الشعب الفلسطيني المقاوم لينضم إلى طلائع المقاومة التي ستسقيه العلقم بكؤوس لم يعرفوا لها مثيلاً.
بقلم: مفيد خنسة